عبدالرحمن المسفر : نحتاج “شورى” لا “ديمقراطية سقيمة” (1 من 2)
ما جدوى ديمقراطية كويتية عشناها على مدى 60 عاما، سياسيا واجتماعيا وتنمويا؟ فيا تُرى، هل أوصلتنا إلى القمر، أو أنتجنا صناعات مبهرة؟
أو نوعنا مصادر الدخل حتى بتنا على قائمة أثرياء العالم، وهل أصبحنا بلدنا مستقطبا لبراءات الاختراع والمبادرات العملاقة الاقتصادية والتكنولوجية، بحيث أضحينا لاعبا مؤثرا في اقتصاد الشرق الأوسط، ولا أقول العالم؟
كل هذا لم يحدث ولن نراه، ما دمنا نعتمد على هجين ديمقراطي مأخوذ منها ومن هناك، وكأنه جسم غريب قد أُرغمنا على زراعته في بيئتنا السياسية والاجتماعية، وأعلم، أنه سيخرج علينا من المجادلين والمنظرين الذين يكررون كلاما، ربما لا يفقهون أحيانا مراميه، بأن ديمقراطيتنا مميزة من حيث النسق والتشريع، لكن المشكلة تكمن في الممارسة السياسية، وتدخل أطراف معينة في تخريب هذه الصورة من المشاركة الشعبية الفعالة.
وأنا أرد على هذه الأصوات على نحو منطقي وسريع بالآتي:
1- الديمقراطية على اختلاف فلسفاتها وتنظيماتها ظهرت نتيجة ثقافات، وتحديات تخص أنظمة سياسية وشعوب مغايرة عنّا في السياق التاريخي والتكوين الحضاري والاجتماعي، والقالب الديني، فنحن أمة هويتها الإسلام وتعاملاتها وممارساتها تدور في إطار مقتضيات الشريعة، حتى وإن لم يكن ذلك كليا، فمثلا، قانون الأحوال الشخصية مستقى من روافد هذا الدين العظيم.
2-نظام الشورى في الإسلام هو الأقرب إلى طبيعتنا وثقافتنا، وثمة اجتهادات معتبرة من علماء ومفكرين إسلاميين معاصرين تدور حول صيغ ونماذج لأشكال الشورى مراعية للجوانب السياسية، والقانونية، والاجتماعية، والحياتية عموما؛ بمعنى، مواكبتها للمستجدات وقدرتها على استيعاب الحوادث والتطورات، فلماذا، لا نلتفت إلى تلك الإسهامات الثرية، وننتقي ما يتناسب معنا.
3- الناس في حياتها، تريد أي صيغة قوية وعادلة ومضمونة، تكفل لها كرامة العيش والأمن والاستقرار، واستقامة ميزان العدل والحرية والمساواة، والمشاركة في قرارات إدارة شؤونها وغير ذلك من مبادئ وقيم تتغنى بها الديمقراطيات، وكل هذه الاصطلاحات، بل وما يفوقها عمقا وتفصيلا، قد راعاها الإسلام في مصادره التشريعية الأساسية فضلا عن فتح أبواب الاجتهاد والقياس وما سوى ذلك بضوابط شرعية.
4-الديمقراطيات من وضع البشر وتجاربهم، وهناك تناقضات كبرى في تلك الأُطر، وممارستها على أرض الواقع، ليس هنا المقام لعرضها، غير أنه لا بأس، من الاستفادة من الجوانب التنظيمية والإجرائية، وتكييفها وفق متطلباتنا واحتياجاتها.
5 -حكام الكويت ومنذ نشأة هذا الوطن عُهد عنهم ارتباطهم بشعبهم وفتح نوافذ وقنوات المشاركة لهم في إدارة شؤون البلاد، قبل تأسيس المجالس الشعبية في هيئتها الرسمية، حتى يومنا هذا، بيد أن ضرورات المصلحة العامة تستدعي التفكير جديا بطرح الخيارات، والبدائل المناسبة التي تضمن المزيد من المكتسبات والانضباط بالعمل السياسي، وتحقيق أعلى معدلات من التنمية والتقدم تحت أي غطاء تنظيمي للمشاركة الشعبية، سواء أكان ذلك مجلسا للشورى، أم نمطا شبيها به، وحري بالذكر أن نشير إلى أن المُشرع الذي وضع دستور عام 1962، لم يهمل الإيماء إلى إمكانية إعادة النظر تنقيحا كل خمس سنوات بشرط أن تكون التعديلات متوخية الزيادة في المكتسبات والحريات ولا تنتقص منهما.