رأي في الحدث

عبدالمنعم ابراهيم : جولة «بيلوسي» الآسيوية لا تخلو من فساد المنافع الخاصة

هل‭ ‬زيارة‭ ‬رئيسة‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكي‭ (‬نانسي‭ ‬بيلوسي‭) ‬وجولتها‭ ‬الآسيوية‭ ‬على‭ ‬سنغافورة‭ ‬وماليزيا‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬واليابان‭ ‬وتايوان‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬محاولة‭ (‬وراثة‭) ‬منصب‭ ‬الرئيس‭ (‬جو‭ ‬بايدن‭) ‬حيا؟‭ ‬وخصوصا‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ (‬بايدن‭) ‬أصيب‭ ‬بفيروس‭ (‬كورونا‭) ‬مرتين‭ ‬في‭ ‬أسبوع‭ ‬تقريباً،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إصابته‭ ‬بحالات‭ ‬النسيان‭ ‬المستمرة‭ ‬أثناء‭ ‬الأحاديث،‭ ‬وكبر‭ ‬سنه‭ ‬وزلات‭ ‬قدميه‭ ‬وتعثره‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬الرسمية‭ ‬والخاصة‭.. ‬ففي‭ ‬حالة‭ ‬غياب‭ ‬بايدن‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬تمكنه‭ ‬صحياً‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬مهامه‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬تصبح‭ ‬نائبته‭ (‬كامالا‭ ‬هاريس‭) ‬هي‭ ‬المرشحة‭ ‬لشغر‭ ‬منصب‭ ‬الرئيس،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضاً‭ ‬يمكن‭ ‬لرئيسة‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الأمريكي‭ (‬نانسي‭ ‬بيلوسي‭) ‬أن‭ ‬تحتل‭ ‬هي‭ ‬أيضاً‭ ‬منصب‭ ‬الرئيس‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بشكل‭ ‬مؤقت‭ ‬حتى‭ ‬تتم‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ (‬كامالا‭ ‬هاريس‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬يستغرق‭ ‬ذلك‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬حدوث‭ ‬تجاذبات‭ ‬حزبية‭ ‬وصراع‭ ‬قوي‭ ‬في‭ (‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭) ‬الحاكم‭.‬

هذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬زيارة‭ (‬بيلوسي‭) ‬للدول‭ ‬الآسيوية‭ (‬بروفة‭ ‬سياسية‭) ‬لما‭ ‬تتمناه‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬مستقبلاً‭ ‬وأن‭ ‬تصبح‭ ‬الوارثة‭ ‬لمنصب‭ ‬الرئيس‭ (‬جو‭ ‬بايدن‭)‬،‭ ‬لكن‭ ‬أيضاً‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬جولة‭ (‬نانسي‭ ‬بيلوسي‭) ‬الآسيوية‭ ‬من‭ ‬مصالح‭ ‬شخصية،‭ ‬وخصوصا‭ ‬أنها‭ ‬سوف‭ ‬تركز‭ ‬في‭ ‬محادثاتها‭ ‬مع‭ ‬المسؤولين‭ ‬الآسيويين‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬اقتصادية،‭ ‬ومباحثات‭ ‬تجارية‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وكلٍ‭ ‬من‭ ‬سنغافورة‭ ‬وماليزيا‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬واليابان‭ ‬وتايوان،‭ ‬وليس‭ ‬خفياً‭ ‬أن‭ (‬بيلوسي‭) ‬تمتلك‭ ‬إمبراطورية‭ ‬تجارية‭ ‬ومالية‭ ‬واستثمارية‭ ‬ضخمة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ورغم‭ ‬ادعاءاتها‭ ‬بأنها‭ ‬لا‭ ‬تعلم‭ ‬شيئاً‭ ‬عن‭ ‬ثرواتها‭!! ‬وأن‭ ‬زوجها‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يدير‭ ‬هذه‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الضخمة،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬أصواتا‭ ‬إعلامية‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬قالت‭ ‬إن‭ (‬بيلوسي‭) ‬تستخدم‭ ‬منصبها‭ ‬كرئيسة‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬تمرير‭ ‬صفقات‭ ‬تجارية‭ ‬واستثمارية‭ ‬مع‭ ‬شركات‭ ‬أمريكية‭ ‬خاصة‭ ‬لصالح‭ ‬إمبراطوريتها‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية‭.‬

لذلك‭ ‬لن‭ ‬تخلو‭ ‬جولة‭ (‬بيلوسي‭) ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الآسيوية‭ ‬الغنية‭ ‬بالثروات‭ ‬من‭ ‬إتمام‭ ‬صفقات‭ ‬لصالحها‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر،‭ ‬وإصرارها‭ ‬على‭ ‬زيارة‭ (‬تايوان‭) ‬رغم‭ ‬التهديدات‭ ‬الصينية‭ ‬ينطلق‭ ‬في‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬منه‭ ‬من‭ ‬رغبة‭ (‬بيلوسي‭) ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ (‬الزيارة‭ ‬المشاغبة‭) ‬لعقد‭ ‬صفقات‭ ‬تجارية‭ ‬خاصة‭ ‬بها‭ ‬مستقبلاً‭ ‬مع‭ (‬تايوان‭) ‬كرد‭ ‬جميل‭ ‬من‭ ‬حكومة‭ ‬تايوان‭ ‬لموقف‭ (‬بيلوسي‭) ‬المتضامن‭ ‬مع‭ (‬تايبيه‭) ‬وزيارتهم‭ ‬رغم‭ ‬الغضب‭ ‬الصيني‭.‬

طبعاً‭ ‬لا‭ ‬ننسى‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭.. ‬أي‭ ‬اختلاط‭ ‬المصالح‭ ‬السياسية‭ ‬لمؤسسة‭ ‬الدولة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مع‭ ‬المصالح‭ ‬الخاصة‭ ‬للمسؤولين‭ ‬السياسيين‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬والكونجرس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ليس‭ ‬جديدا‭ ‬ولا‭ ‬بدعة‭.. ‬فهي‭ ‬ظاهرة‭ ‬موجودة‭ ‬ردحاً‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وكان‭ ‬آخرها‭ ‬ضلوع‭ ‬نجل‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬المدعو‭ (‬هانتر‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭) ‬في‭ ‬صفقات‭ ‬تجارية‭ ‬وشبهات‭ ‬فساد،‭ ‬مستفيداً‭ ‬من‭ ‬منصب‭ ‬والده‭ ‬كرئيس‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الصفقات‭ ‬التي‭ ‬أبرمها‭ (‬هانتر‭ ‬بايدن‭) ‬لصالح‭ ‬شركته‭ ‬الخاصة‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ (‬البنتاجون‭) ‬هي‭ ‬إنشاء‭ ‬معامل‭ ‬ومختبرات‭ ‬بيولوجية‭ ‬وجرثومية‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬لسنوات،‭ ‬والتي‭ ‬كشفت‭ ‬عنها‭ (‬موسكو‭) ‬بوثائق‭ ‬رسمية،‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ (‬واشنطن‭) ‬ترفض‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المختبرات‭ ‬الخطيرة‭ ‬على‭ ‬سكان‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المختبرات‭ ‬إجراء‭ ‬تجارب‭ ‬جرثومية‭ ‬على‭ ‬الحشرات‭ ‬والطيور‭ ‬والخفافيش‭ ‬ونقلها‭ ‬إلى‭ ‬البشر‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬عدوى‭ ‬فيروسية‭ ‬قاتلة‭ ‬وفتاكة‭.. ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تشهد‭ ‬المحاكم‭ ‬الأمريكية‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬عدة‭ ‬قضايا‭ ‬شبهات‭ ‬فساد‭ ‬مالي‭ ‬ضد‭ (‬هانتر‭ ‬بايدن‭).‬

وعليه‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬رئيسة‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ (‬بيلوسي‭) ‬من‭ ‬عقد‭ ‬صفقات‭ ‬تجارية‭ ‬خاصة‭ ‬أثناء‭ ‬جولتها‭ ‬الآسيوية‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬استنساخ‭ ‬لما‭ ‬جبل‭ ‬عليه‭ ‬مسؤولون‭ ‬أمريكيون‭ ‬سابقون‭ ‬وحاليون،‭ ‬فما‭ ‬فعله‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬لصالح‭ ‬نجله‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفعله‭ ‬أيضاً‭ (‬بيلوسي‭) ‬لصالح‭ ‬إمبراطوريتها‭ ‬المالية‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬سنغافورة‭ ‬وماليزيا‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬واليابان‭.. ‬وأيضاً‭ (‬تايوان‭) ‬التي‭ ‬تمون‭ ‬عليها‭ ‬نانسي‭ ‬بتلك‭ ‬الزيارة‭ ‬المشاغبة‭ ‬للجزيرة‭ ‬المتمردة‭ ‬على‭ ‬الصين‭.‬

المضحك‭ ‬في‭ ‬الأمر‭.. ‬أنهم‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬عموماً،‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬يتهموننا‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بالفساد‭ ‬المالي،‭ ‬ويطالبون‭ ‬حكوماتنا‭ ‬بالإصلاح‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬الفساد‭! ‬فماذا‭ ‬عن‭ ‬فساد‭ ‬مؤسساتكم‭ ‬الرسمية‭ ‬أنتم؟‭! ‬من‭ ‬يصلحها؟‭!‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى