عبدالمنعم ابراهيم : إيران تتمدد بحرا.. وسوف «تتفرعن» بعد حيازة السلاح النووي
إيرانُ تتمددُ في البحارِ مثلما تتمددُ في البراري، فهي لا تكتفي بتوسيعِ نفوذِها السياسيِّ والعسكريِّ من خلال مليشياتِها المواليةِ لها في الأراضي العراقيَّةِ والسوريَّةِ واللبنانيَّةِ واليمنيَّةِ، ولكنها بدأت في السنواتِ الأخيرةِ تتمددُ بسفنِها الحربيةِ في مياه الخليجِ العربي وبحر عمان وبحر العرب والبحر الأحمر حتى وصلت بمسيرات (حزب الله اللبناني) المفخخةِ إلى مياه البحر المتوسط أيضاً وتهديد (الحزب) بقصف سفن ومنصات التنقيب عن النفط والغاز هناك!
منذ يومين فقط صادرت بحريةُ الحرسِ الثوري الإيراني سفينةً أجنبيةً في مياه الخليج، وبحسب ادعاء الإعلامِ الرسمي الإيراني (كانت تقومُ بتهريبِ الوقودِ وأوقفت طاقمَها) وأوردَ الموقعُ الإلكتروني للتلفزيون الرسمي الإيراني، (تم توقيفُ سفينة أجنبية كانت تحملُ على متنها 757 ألفَ لتر من الوقودِ المهرب.. وأن أفرادَ الطاقم السبعة، وهم من الأجانبِ تم توقيفُهم وتسليمُهم إلى السلطةِ القضائية).
طبعاً الكل يعرفُ أن إيرانَ تستخدمُ تبريرَ مصادرة السفن في مياه الخليج أو البحر الأحمر بادعاء أنها تحملُ نفطاً مهرباً مجرد أكذوبة فهي التي تمارسُ تهريبَ النفط الإيراني إلى خارجِ حدودها براً وبحراً وعلى ظهور البغال على الحدود الإيرانية الأفغانية.. وأن قرصنتَها للسفنِ النفطية والتجارية في مياه الخليج العربي وبحر عُمان والبحر الأحمر ما هو إلا جزء من سبل هيمنتها العسكرية على المنطقة.
لقد أصبح الصراعُ الإيراني–الأمريكي في بحار المنطقة أشبهَ بسياسةِ شد الحبل بين الطرفين، كل طرف يتحرشُ بالآخر، وإن كانت إيران هي التي لها نصيبُ الأسد بالتحرش بالسفن الأجنبية (والأمريكية تحديداً) في مياه المنطقة.. وكل طرف يجري مناورات عسكرية واستفزازاً للآخر، وقد حرصت (واشنطن) مؤخراً على اقتناء البنتاجون الأمريكي برنامجا جديدا متقدما يهدفُ إلى تعزيز قدراته على مراقبة مناطق واسعة بمسيرات جوية وبحرية، وباستخدام الذكاء الاصطناعي أيضاً، ويشملُ هذا البرنامجُ استخدامَ عدة مسيراتٍ بحرية معروفة باسم (يو. اس. في) في المياه المحيطة بشبه الجزيرة العربية وفي الخليج لجمع بيانات وصور ترسل بعدها إلى مراكز مقامة في المنطقة وتحليلها.
وبحسب وكالة (فرانس برس) لم يواجه البرنامجُ أيَّ مشكلةٍ إلى أن حاولت البحرية الإيرانية الاستيلاءَ على ثلاث مسيراتٍ بحرية من طراز (سيلدرون إكسبلورر) البالغ طولها سبعة أمتار خلال حادثين وقعا ليل 29 – 30 أغسطس الماضي، وكذلك في الأول من شهر سبتمبر الجاري.. الحادث الأول كان في مياه الخليج، حيث رصدت سفينة تابعة للحرس الثوري الإيراني تجر مسيّرة أمريكية، لتفرج عنها لاحقاً بعدما أُرسل زورق دورية أمريكي ومروحية إلى المكان.
أما الحادث الثاني.. فقد صادرت مدمرة إيرانية مسيرتين من طراز (سيلدرون إكسبلورر) في البحر الأحمر وحملتهما على متنها! وسمح وجود سفينتين أمريكيتين ومروحيات بإقناع الإيرانيين بإعادتهما في اليوم التالي، بعدما انتزعت منهما كاميرات التصوير! ويؤكد الإيرانيون أن هذه المسيرات (الأمريكية) كانت موجودة في ممرات بحرية دولية! وهي أرادت بذلك (تجنب وقوع حوادث محتملة)!! وهي رواية رفضتهما البحريةُ الأمريكية، وقال الأدميرال (براد كوبر) قائد القوات البحرية الأمريكية في القيادة الوسطى (إن تصرفات إيران كانت غير مبررة وغير منسجمة مع تصرف قوة بحرية محترفة) وأضاف (أن القوات الأمريكية ستستمر بالتحليق والإبحار والتحرك في أي مكان متاح بموجب القانون الدولي).
إذن نحن أمام حوادث بحرية قد تسفر يوماً عن صدام بين الطرفين، وإن كان هذا مستبعداً حدوثه الآن.. ولأن هناك تفاهمات سياسية (أمريكية – إيرانية) في مياه المنطقة عبر وسطاء أوروبيين.. لكن يمكن ملاحظة أن إيران بدأت في السنوات الأخيرة لا تكتفي بتوسيع نفوذها في مياه الخليج العربي، ولكن هي الآن تسبح بسفنها البحرية وبوارجها العسكرية في بحر عُمان والبحر الأحمر والبحر المتوسط! فهي لا تكتفي بحضور أذرعها المليشياوية على الأرض في دول عربية عدة، ولكن هي أيضا تدخل في صراع كسر عظم مع أمريكا في البحار العربية والدولية، وبذلك تعرّض الأمنَ والاستقرارَ في المنطقة للخطر برًا وبحرًا.. وسوف (تتفرعن) أكثر بعد حصولها على السلاح النووي.