رأي في الحدث

محمد يوسف : الخصم والقاضي

كنا نعتقد أن زمن التهديد والوعيد قد ولى، فنحن في بدايات العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين أو من الألفية الثالثة، وقد كان اعتقاداً خاطئاً، فالولايات المتحدة تريد أن تفرض شروطها على العالم، ومن يخالفها يعرض نفسه للعقوبات التي تصل إلى مستوى لا يمكن أن تقبله الدول على نفسها، ومجلس نوابها أو ما يسمى بالكونغرس يظن أنه يملك سلطة معاقبة من يشاء، سواء أكان على حق أم باطل، أقصد هنا الكونغرس الذي لا ينظر لشيء غير مصالح بلاده، ومن يجرمونه زوراً عليه أن يتقبل العقوبات، سواء أكانت اقتصادية أم انتقلت إلى مصادرة الأرصدة والاستثمارات وأموال الأشخاص، وفوق ذلك يطلب من كل دول العالم أن تنفذ تلك العقوبات دون نقاش، ولا تهمهم نوعية الدول من حيث حجمها أو قوتها أو مكانتها في التأثير عالمياً، ولا تلتفت إلى ما يمكن أن يترتب على قراراتها الأحادية ذات الطابع الأناني.

مليارات تحبس في بنوك الولايات المتحدة، وتخضع لقوانين «قراقوشية» كما حدث لأموال أفغانستان أخيراً، تلك الدولة الفقيرة الممزقة، التي هرب منها جنودهم وتركوها لحركة طالبان بعد اتفاقهم السري في الدوحة، سلموهم الحكم ثم عاقبوا الشعب المغلوب على أمره، فهذه آخر التصرفات التي تبين أن من يتواجدون في واشنطن يعتقدون أنهم حكام العالم، يعاقبون ويصادرون ويزيدون من مآسي الآخرين، فقط لأن هناك نظام حكم لم يسمع تعليماتهم أو يتقبل تصرفاتهم، الكونغرس هو الخصم وهو القاضي، وهو صاحب المنفعة!

وآخر ما تفتقت عنه أذهانهم في مجلس نوابهم وشيوخهم أن منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك) يجب أن تعاقب لأنها لم تسمع مطالب الرئيس الأمريكي بزيادة الإنتاج لخفض الأسعار، وهي بهذا تعتبر محتكرة للنفط، ويجب حل هذه المنظمة ووضع دولها التي وقفت مع خفض الإنتاج على القائمة السوداء، وطرحت «سيناريوهات» كثيرة في وسائل إعلامهم وتصريحات مشرعيهم سنتطرق إليها غداً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى