رأي في الحدث

محمد يوسف : من الخاسر؟

تستنزف الولايات المتحدة علاقاتها الدولية التي استثمرت فيها جهود 70 عاماً، تخسر صديقاً تلو الآخر، وتستحدث عداوات هي في غنى عنها، وتفتح جبهات مواجهة إذا فازت في إحداها كانت خسائرها مساوية لخسارة عدوها.

بالأمس وقع نظري على رسم مُركّب يحمل كثيراً من المعاني والدلالات، أعتقد بأنه نشر في مطبوعة أو موقع أوروبي، يتضمن تعبيراً دقيقاً لواقع الأمر بعد إثارة الأزمة الأوكرانية ووصولها إلى التداعيات التي يشهدها العالم، فهذه الأزمة خطط لها أمريكياً، ودفعت مجريات أحداثها دفعاً من قادة البيت الأبيض والبنتاغون، وأدخلت أوروبا في وسطها حتى أصبحت هي الخاسر الأكبر مما يحدث.

تلك الرسمة كانت عبارة عن سفينة تحمل العلم الأمريكي، وتجر خلفها قارباً صغيراً يحمل العلم الأوروبي بلونه الأزرق ونجومه التي تشكل دائرة، وسط أمواج عاتية، وفي الزورق خراف ممددة بالقاع خوفاً أو رعباً من الغرق، ورغم عدم تقبلي للمعنى الذي تمثله تلك الخراف، فهمت هدف الرسام ومركب الصور ومعهما الوسيلة الإعلامية الناشرة، فالقصد واضح ولا يحتاج إلى تفسير.

هذه أوروبا التي خسرت إمدادات الغاز والنفط الروسي معتمدة على التعهدات الأمريكية، وعندما أصبحوا في عين العاصفة التي أنارتها المواقف الحادة في أزمة أوكرانيا، عرضت أمريكا العظمى البدائل على ألمانيا أولاً، فكانت الصدمة الكبرى، فالإمدادات ستصلهم لتدارك قسوة الشتاء، والسعر لن يزيد بأكثر من أربعة أضعاف السعر الروسي!

مثل هذا الموقف سيسجل لدى الأوروبيين، وسيؤخذ كمثال في المستقبل، ولن تجد الولايات المتحدة ذلك الاندفاع الذي حدث في هذه الأزمة وتداعياتها، والعالم لا يخلو من الأزمات، والدليل أن بايدن الذي سحب يده من أيدي الأصدقاء قبل عام واحد لم يجد الأصدقاء يقفون في صفه عندما أراد عونهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى