محمد يوسف : حدث استثنائي
زيارة الرئيس الصيني للمملكة العربية السعودية ومباحثاته مع الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان، وعقد قمة خليجية وقمة عربية مع رئيس أكبر اقتصاد في الجانب الشرقي من الكرة الأرضية، تجعل من هذه الزيارة حدثاً استثنائياً سينتج عنه تقارب قد يحدث تغيراً في العلاقات الاستراتيجية القائمة.
كل الأنظار منذ يوم أمس متجهة إلى الرياض، وكل وسائل الإعلام الغربية تتحدث عن ما يمكن أن تحدثه زيارة الرئيس الصيني، وما ستكسبه بلاده من انفتاح الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على الصين، خاصة مع استمرار تداعيات مواقف إدارة جو بايدن مع السعودية، والتي أحدثت شرخاً في العلاقات الممتازة التي كانت قائمة.
حيث لم يضع بايدن وفريقه ضمن حساباته البدائل للقرارات غير المبرّرة التي اتخذها، فالأبواب مفتوحة للجميع في اختيار علاقاتهم عندما يصد الصديق، بل ويستخدم ألفاظاً بعيدة عن أصول العمل السياسي والدبلوماسي، ويتوّج كل ذلك بتجميد طلبات دول مجلس التعاون للأسلحة الدفاعية المتضمّنة الصواريخ الباليستية والطائرات الحديثة، ويكملها بسحب منظومة الدفاع الصاروخي «الباتريوت»، رغم المخاطر التي تواجه المنطقة من بعض القوى وأتباعها، ما جعل الصديق القديم يفقد مصداقيته، وتضعف الثقة به.
العلاقات مع الصين ليست جديدة على دول الخليج، فهي قائمة منذ عقود، وأثبتت أن الشريك الآسيوي موثوق به، ومصداقيته عالية، وبالإمكان زيادة التبادل التجاري معه، والشراكة في مشاريع البناء، وفوقها التعاون في المجال العسكري، ولا يعني ذلك إدارة ظهورنا للولايات المتحدة والغرب، فهؤلاء يبقون حلفاء استراتيجيين وإن ضعفت العلاقة مع بعض الإدارات الموجودة في السلطة، وحتى تصطلح الأمور هناك مصالح وطنية ملحّة تستدعي البحث عنها في الصين وغيرها، فهذه المنطقة تحيط بها الأطماع لأهميتها، ويتحتّم على أهلها توفير وسائل الحماية، وفي الجانب الآخر هي تخطط لمرحلة ما بعد النفط، فمن حقّها أن تبحث عن شركاء يتبادلون معها المصالح، ولا يبتزّونها.