أحمد كريم : رونالدو… “الشهاب” المتهاوي من الفضاء!!
كان رونالدو في المونديال “حكاية كونية”، شغلت الإعلام والمشجعين طوال الوقت، حتى قبل أن تبدأ البطولة بأيام عدة، عندما هاجم مدربه في نادي مانشستر يونايتد بطريقة غير معهودة، ولكن ماذا فعل النجم البرتغالي في حدود المستطيل الأخضر؟
مع الأسف الشديد، ظهر “الدون” في كأس العالم كما لو أنه جرم سماوي هوى من الفضاء فاشتعل وصار رمادا في آخر ظهور له في كأس العالم مع منتخب بلاده، وبأسوأ صورة يمكن أن يختم بها لاعب كرة قدم مشواره المليء بالإنجازات، وربما وقع صاحبنا في فخ “المكابرة” بعدم التصديق أن النهاية قد لا تأتي بالضرورة كما يتوق ويتمنى، خصوصا عندما يكون عطاؤه أقل بكثير من مستوى التحدي!!
لقد أخطأ رونالدو في تصويب بوصلته في كأس العالم، ما الذي كان يريده من هذه المشاركة، مزيدا من الأرقام القياسية، أم الفوز بالكأس العالمية، أم كلا الأمرين؟
وقبل كل شيء، هل كان رونالدو يعلم أنه غير جاهز للعب دور البطولة وهو بعمر الـ 37 عاماً في منافسات صعبة وأجواء مشحونة، فضلا عن تداعيات سلبية نتيجة للعلاقة المتوترة مع ناديه الانجليزي التي انتهت بالطلاق الودي، بعد أن تحطمت آماله في أن يستعيد أمجاده التي عاشها مع الشياطين الحمر خلال الفترة من 2003 ولغاية 2009!
لقد اصطدم رونالدو بواقع مختلف كليا عما كان عليه الوضع قبل سنوات، عندما بدأ مسيرته الصاروخية مع اليونايتد، لقد كان عمره آنذاك 18 عاما، كان شابا ينضح بالحيوية والنشاط، وأعلن عن نفسه بصفته نجما من العيار الثقيل في انجلترا، قبل أن يتجه إلى ريال مدريد في صفقة قياسية ليحقق مع الفريق الملكي كل الألقاب والأرقام الممكنة.
والسؤال الذي يتوجب على النجم البرتغالي أن يواجه به نفسه، لماذا تكرر سيناريو “دكة الاحتياط” مع منتخب بلاده، هل المشكلة في المدربين أم في رونالدو ذاته؟!
من الصعب على شخصية مثل رونالدو الاعتراف بالفشل، ومن الصعب أيضا أن يعترف بأن قدماه لم تعودان قويتين كما السابق. لذلك وقع النجم الكبير ضحية للمكابرة، وعدم التعامل مع الوضع الجديد بواقعية، مثلما فعل غريمه التقليدي ليونيل ميسي، الذي كان أداؤه المعنوي وروحه العالية مع الأرجنتين بمثابة الشمس الساطعة في المونديال.
لقد كان ميسي ذو 35 عاما، يمشي في اغلب مباريات المونديال، ولكنه عندما يحصل على الكرة يحدث فارقاً نوعياً وخطورة شديدة على المنافسين، لقد كان قائداً لكتيبة من المقاتلين، يفدونه بأرواحهم، ويؤمنون به حتى لو قادهم نحو الجحيم، فنجح بأقل مجهود بدني في قيادة منتخب بلاده إلى منصة تتويج تاه عنها التانغو لمدة 36 سنة، متجاوزا بواقعية شديدة الذكاء وعبقرية كل التحديات الصعبة.
أما أنت يا عزيزي رونالدو، فقد كنت “منبوذا”، ولم يتعاطف معك إلا زوجتك، وأردت أن تحقق ما لم تستطع تحقيقه في الملعب بالتصريحات النارية، التي أحرقت أحلام البرتغال اليابسة، حتى قيل إن البرتغال أفضل من دون رونالدو، وهذه أسوأ نهاية لنجم بحجم “الدون”.
هذه واحدة من الحقائق التي تظهر لنا ونحن نسبر أغوار المونديال وعالم كرة القدم المليء بالقصص والحكايات المثيرة، ونستطيع من خلالها اقتفاء أثر الحكمة والموعظة، من أساطير الساحرة المستديرة التي تعتمد على قوانين ومبادئ ثابتة، لا يمكن أن تتغير بالعنتريات أو المكابرة!