أحمد الدواس : حكومة لا تعرف صديقها من عدوها
سورية أحق بالمساعدة من اليمن وفلسطين لهذه الأسباب، إذ إن كثيرا من العرب لا يعرفون أننا لما كنا نسكن بيوت الطين في الكويت، وكنا صغارا كنا ندخل السينما وندفع ضريبة لكفاح الجزائر، ولما استقلت الجزائر عام 1963 صرنا ندفع الضريبة لمنظمة التحريرالفلسطينية، لكن هؤلاء وقفوا مع صدام واستهزأوا بنا خلال احتلال بلدنا، وقالوا عنا “عرب الدشاديش”، وكادوا يضربوننا، أنا والسفير، وزميل عمل، في مسجد برازيليا لما كنا نعمل بالسفارة في البرازيل.
وقف الفلسطينيون في أميركا الجنوبية وبكل مكان الى جانب صدام، وقفوا مع الظالم وتركوا المظلوم، وهي الكويت التي ساعدتهم طوال 70 عاما، ومازالت، فجحدوا فضلها، ووقف اليمن كذلك مع المحتل الظالم، بينما كانت قلوبنا تتقطع حزنا وألماً على ضياع الوطن، وهنا فتح السوريون أبوابهم يحتضنون الكويتيين، ووقفت سورية إلى جانب الحق الكويتي وضد الاحتلال، لكن بعد تحرير الكويت لم تعرف حكومتنا عدوها من صديقها، فاستمرت تغدق المال على الفلسطينيين واليمنيين.
صحيح أن الكويت ساعدت سورية خلال مؤتمرات باسم مؤتمر المانحين للشعب السوري، لكن هذه المساعدة لم تبلغ حجم ما أغدقته حكومتنا على من طعننا بخنجر الخيانة.
السادس من فبراير الجاري ضرب زلزال قوي جنوب تركيا، وتأثرت به مدن سورية، فوجدنا جمعية الهلال الأحمر الكويتية تتحرك لإرسال مساعدات لإخواننا السوريين، ثم دعا مجلس الوزراء الكويتي الى إطلاق حملة تبرعات تساهم فيها الجمعيات واللجان الخيرية لإغاثة المتضررين في كلا البلدين، فرحم الله من توفي بهذه الكارثة وتغمدهم بواسع رحمته، وجاء دورنا الآن لرد جميل السوريين فهم الأولى والأجدر بالمساعدة الأخوية.
المفروض أن تفتح الكويت صفحة جديدة مع سورية، كما فعلت الإمارات وسلطنة عُمان، ونرد الدين لسورية، لا ان نغدق على اليمن والفلسطينيين المساعدات.
وحتى نصلح الخطأ أقول أنا لست مستشارا اقتصاديا، نعم تخصصي اقتصاد وعلوم سياسية، لكنها فكرة قد طرحناها قبل أكثر من عام قد تساهم في تحسين الوضع الاقتصادي والبنية الأساسية السورية بشكل كبير، وهي ان تساهم الحكومة ممثلة بالصندوق الكويتي، وكذلك تجار الكويت في بناء المنتجعات السياحية في سورية، ورب قائل ولكنها لن تدرعملة أجنبية كأرباح للطرف السوري والكويتي، نقول، بل هناك إمكانيات متاحة، فسورية تملك مزايا جيدة، فالمنطقة مشابهة لجنوب أوروبا، وعدد السكان قليل نسبيا، ومساحة البلد كبيرة، وتطل على بحر، وقريبة من أوروبا، وصالحة للزراعة، وفيها أيد عاملة جيدة، والشعب العربي طيب ومضياف، وقد تجذب الأوروبيين، وبالإمكان الدفع بالفنادق والمنتجعات بعملة اليورو أو الدولار.
آسف أن أتحدث عن طرق تحسين الوضع الاقتصادي في سورية، ونحن في حالة حزن وأسى، لكن الفكرة قد تكون بمثابة العرفان بالجميل لسورية.
من التاريخ نجد ان الكوارث تُخرج أفضل ما لدى الإنسان، ففي 27 مارس سنة 1964، ضرب زلزال آنكوراج، عاصمة ولاية ألاسكا الأميركية، ومسحها من على وجه الأرض خلال أربع دقائق ونصف الدقيقة بقوة 9,2 درجة على مقياس “ريختر”، فانتزعت المباني من أساسها، أو انشطرت نصفين، وكان بالمدينة نحو 100 ألف نسمة، وبعد 28 ساعة من الزلزال تبين ان الأهالي تعاملوا مع الموقف بعاطفة وتعاون مذهل، فبعد ان هدأت الهزة، خرج الناس يبحثون عمن يكون على قيد الحياة، ويستخدمون الحبال لرفع من كان منهم تحت الركام، وانتشرت السيارات بما فيها سيارات الأجرة وأخذ السائقون يحملون المصابين الى المستشفيات، وكان الكل يمد يد العون بأي طريقة كانت، وهو شعور لا يحدث في الأيام العادية، ووفق رأي المتخصصين بعلم الاجتماع، فان الكوارث تستخرج أفضل ما لدى الإنسان من مشاعر طيبة، ويعزو آخرون هذه المحن لسبب ديني، فالله يريدنا ان نتعاطف ونتراحم بيننا، لذلك قد تكون هذه فرصة لنستيقظ على الحقائق ونصلح جسور الإخوة مع سورية.