بانوراما

قصة ملهمة لرجل أمضى 70 عاما داخل «رئة حديدية»

أصيب‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬بول‭ ‬الكسندر‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1952‭ ‬بشلل‭ ‬الأطفال،‭ ‬الذي‭ ‬تسببه‭ ‬عدوى‭ ‬فيروسية‭ ‬خطيرة‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬النخاع‭ ‬الشوكي،‭ ‬تركته‭ ‬مشلولا‭ ‬من‭ ‬رقبته‭ ‬حتى‭ ‬أسفل‭ ‬قدميه،‭ ‬وكادت‭ ‬أن‭ ‬تفقده‭ ‬حياته‭ ‬قبل‭ ‬وضعه‭ ‬داخل‭ ‬رئة‭ ‬حديدية،‭ ‬لمساعدته‭ ‬على‭ ‬التنفس‭.‬

والرئة‭ ‬الحديدية‭ ‬هي‭ ‬جهاز‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬كبسولة،‭ ‬محكم‭ ‬الإغلاق،‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬امتصاص‭ ‬الأكسجين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الضغط‭ ‬السلبي،‭ ‬ما‭ ‬يسمح‭ ‬للرئتين‭ ‬بالتمدد‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬المريض‭ ‬من‭ ‬التنفس‭ ‬والبقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬عند‭ ‬إصابة‭ ‬جميع‭ ‬عضلات‭ ‬الجسم‭ ‬بالشلل‭.‬

ويعد‭ ‬بول‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬شخصين‭ ‬يعيشان‭ ‬داخل‭ ‬آلة‭ ‬تنفس‭ ‬طولها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مترين‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

وعندما‭ ‬أصيب‭ ‬بول‭ ‬بالعدوى،‭ ‬قال‭ ‬الأطباء‭ ‬لذويه‭ ‬إن‭ ‬ابنهم‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬استطاع‭ ‬العيش‭ ‬داخل‭ ‬جهاز‭ ‬التنفس‭ ‬الرئوي‭ ‬الحديدي‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬عاما‭.‬

وذكر‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬إرم‭ ‬نيوز‮»‬‭ ‬نقلا‭ ‬عن‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬ديلي‭ ‬ستار‮»‬‭ ‬البريطانية‭ ‬أن‭ ‬بول‭ ‬قال‭: ‬‮«‬عند‭ ‬إصابتي‭ ‬بالفيروس‭ ‬فقدت‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬فقدت‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الحركة،‭ ‬ولاحقا‭ ‬فقدت‭ ‬الإحساس‭ ‬بساقي،‭ ‬وخلال‭ ‬أيام‭ ‬لم‭ ‬أعد‭ ‬أقوى‭ ‬على‭ ‬التنفس‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بول‮»‬‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الكبسولة‭ ‬إلا‭ ‬لبضع‭ ‬دقائق‭ ‬يوميا،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬حلمه‭ ‬بأن‭ ‬يصبح‭ ‬محاميا‭.‬

وأكد‭ ‬بول‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬تدوين‭ ‬الملاحظات‭ ‬في‭ ‬المدرسة،‭ ‬فتعلم‭ ‬حفظ‭ ‬المعلومات،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬تخرج‭ ‬بتفوق،‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬المرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬الفصل،‭ ‬وأصبح‭ ‬أول‭ ‬طالب‭ ‬يتخرج‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬‮«‬دالاس‮»‬‭ ‬في‭ ‬تكساس‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬الحضور‭ ‬للمدرسة‭ ‬جسديا‭.‬

‮«‬أفعل‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬الجميع،‭ ‬أستيقظ،‭ ‬أغسل‭ ‬وجهي‭ ‬وأسناني،‭ ‬أحلق‭ ‬وأتناول‭ ‬الفطور،‭ ‬أنا‭ ‬فقط‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مساعدة‭ ‬أحدهم‭ ‬للقيام‭ ‬بهذا‭ ‬كله‮»‬‭.‬

لاحقا،‭ ‬التحق‭ ‬بول‭ ‬بجامعة‭ ‬‮«‬تكساس‮»‬‭ ‬ونال‭ ‬بكالوريوس‭ ‬عام‭ ‬1978،‭ ‬ثم‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬دكتوراه‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬عام‭ ‬1984،‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬أمضى‭ ‬عقودا‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬بالمجال‭ ‬القانوني،‭ ‬وحقق‭ ‬نجاحا‭ ‬مهنيا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭.‬

وقال‭ ‬بول‭: ‬‮«‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬مغادرة‭ ‬الرئة‭ ‬الحديدية‭ ‬لدقائق‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تعلمت‭ ‬تقنية‭ ‬‮«‬تنفس‭ ‬الضفدع‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تتضمن‭ ‬ابتلاع‭ ‬الهواء‭ ‬وحفظه‭ ‬في‭ ‬الرئتين،‭ ‬تماما‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬الزواحف‮»‬‭.‬

وأضاف‭: ‬‮«‬أفعل‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬الجميع،‭ ‬أستيقظ،‭ ‬أغسل‭ ‬وجهي‭ ‬وأسناني،‭ ‬أحلق‭ ‬وأتناول‭ ‬الفطور،‭ ‬أنا‭ ‬فقط‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مساعدة‭ ‬أحدهم‭ ‬للقيام‭ ‬بهذا‭ ‬كله‮»‬‭.‬

يذكر‭ ‬أن‭ ‬بول‭ ‬أطلق‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬كتاب‭ ‬سيرة‭ ‬ذاتية‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬حياتي‭ ‬في‭ ‬رئة‭ ‬حديدية‮»‬،‭ ‬استغرق‭ ‬تحضيره‭ ‬نحو‭ ‬5‭ ‬سنوات،‭ ‬حيث‭ ‬كتب‭ ‬‮«‬بول‮»‬‭ ‬كل‭ ‬كلمة‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدام‭ ‬قلما‭ ‬علقه‭ ‬على‭ ‬عصا‭ ‬وُضعت‭ ‬في‭ ‬فمه‭.‬

يبلغ‭ ‬بول‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬76‭ ‬عاما،‭ ‬ودخل‭ ‬موسوعة‭ ‬غينيس‭ ‬للأرقام‭ ‬القياسية،‭ ‬كأول‭ ‬شخص‭ ‬يمضي‭ ‬أطول‭ ‬مدة‭ ‬داخل‭ ‬رئة‭ ‬حديدية‭. ‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى