غازي أحمد العنزي: متى نصل إلى السعودية؟
ما أقرب المسافة بين دولتي الحبيبة الكويت والشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، بل وما أقرب الانسجام العاطفي بين شعبي الدولتين وتماثلهما الثقافي والبعد الاجتماعي والأصول الواحدة، فهو قريب في كل شيء لكن، وآه من كلمة لكن، أصبحت السعودية تبعد عن الكويت سنين ضوئية في التقدم والتطوّر وتوطين الأيدي العاملة، والنهوض في الدولة لتكون في مصاف الدول المتقدمة في العالم.
إنني لا أتكلم هنا عن “بوليفارد الرياض”، ومدى الإعجاب الذي يصيب كل من زار هذا المكان الجميل، ولا أتحدّث عما يحدث في العلا، وكيف يعمل على تحقيق الحلم السعودي بالنسبة لمنطقة العلا، ولا أتكلم عن الساحر تركي آل الشيخ، هذا الرجل الذي استطاع شد انتباه الجميع لإنجازاته، ويكون نعم رجل الدولة الأمين، الذي ينفذ رؤية المسؤول السعودي بأمانة وصدق، منطلق نحو هدفه كالسهم النافذ.
وإنما أتحدّث عن المستوى الثقافي والعلمي، الذي وصلت إليه المملكة العربية السعودية، وصولاً إلى المستوى الاقتصادي الرفيع، الذي ما زالت تحققه المملكة، إلى توطين الكفاءات وخلق مواطن يحترم القانون ويسعى في الحياة لخدمة وطنه ومجتمعه.
إنني أتحدث عن مملكة شابة تحت قيادة حكيمة متقدمة متطلعة، وشعب يصنع أمجاده بيده، لا يكتفي بالتغني بأمجاد أجداده.
دعوني أكلمكم عن عشرات الاف الأطباء السعوديين الذين يعملون في مستشفيات المملكة، وكذلك عشرات آلاف المهندسين المسجلين في القطاع الهندسي، وأكثر من مئة ألف مبتعث سعودي في كل أنحاء العالم، والمئات منهم يتقنون لغة المستقبل التجاري والصناعي “اللغة الصينية”.
أحدثكم عن أكثر من الاف المصانع، وكل تلك المصانع تساهم بشكل أو آخر في الاقتصاد السعودي.
لن أتكلم عن عدد المزارع المنتجة في السعودية، والتنوع الزراعي فيها، لأنني عجزت عن إحصاء عددها، كذلك والثروة الحيوانية، التي تشهد تطورا وإقبالا من المواطنين، ودعما من الجهات المسؤولة.
فقبل اشهر قرأت خبرا عن فتح الباب في إحدى الكليات التطبيقية في المملكة لتدريس حرفة تربية المواشي وللجنسين! نعم كل تلك الحقائق مثبتة بالأرقام، تجعلني أقف مندهشا عن السرعة الضوئية، التي تسير بها المملكة العربية السعودية، وتجعلني أراقب هذه التغيرات بغبطة المحب، الذي يتمنى لوطنه أن يلحق بهذا الركب وهذا التقدم، ولا يتخلف كثيرا عنه، حتى لا يأسف لاحقا على ما فاته.
يا سادة العالم من حولنا بأسره يتغيّر وبسرعة مدهشة، ونحن ما زلنا نكرّر مشاهد السبعينات والثمانينات، لكن في شخصيات جديدة، فمن يقرأ صحفنا في السبعينات والثمانينات، سيجد أن كل ما تغير في المشهد هو أسماء الأشخاص، والمضحك المبكي أن هناك أسماء ذاتها، لم تتغير منذ ذلك الحين!
لن تتطوّر دولتنا في المهاترات، ولن تتطور في التصورات التي يتبناها ويسوّقها بعض أعضاء البرلمان، بغية دغدغة المشاعر، ومن يقرأها يشعر بالأسف على ما وصلت إليه الكويت، والسبب بعض المحسوبين عليها ويطلق عليهم رجال دولة.
فمن سبقتنا من الأجيال كانت تشاهد التطوّر الذي حدث في إمارة دبي، تحديدا فترة الثمانينات وحتى أوائل الالفية، ولم تحرّك ساكنا في اللحاق بدبي المتطورة جدا اليوم، كذلك شاهدنا تطور دولة قطر منذ منتصف التسعينات وحتى اليوم، وأيضا اكتفينا بالنظر إليها من دون العمل لنكون مثلها، واليوم نشهد ما وصل إليه إخوتنا في المملكة السعودية، إلا أنني لا أريد أن أشاهد هذا التطور فقط، وكل ما أطمح له أن يرى المسؤول في الكويت هذا التطور، ويحاول أن يلحقنا بهذا الركب المبارك.