أحمد الدواس : أسلوب غير لبق
بالأمس ظهر خبر في موقع “تويتر” يجرح مشاعر الكويتيين، حيث صرح سفير دولة عربية بأن جنود بلاده دافعوا عن الكويت خلال الاحتلال العراقي.
نقول له: ان الكويت اشتركت في الدفاع عن بلاده في الأعوام 1956 و1967 و1973 وبقوة، ثانيا: وضعت الكويت مليارات الدولارات في بنوك بلدكم بعد تحريرها عرفانا لموقف بلدكم، وقبل بضع سنوات دعمت ثلاث بلدان خليجية من بينها الكويت بلدكم.
ثالثا: ان فيلما يصور رئيس بلادكم قبل 40 سنة وهو يقول: “ان أمير الكويت يقدم لنا المساعدة المالية سرا ليدعمنا ضد العدو”.
كذلك تلفظ رئيس تحريرإحدى صحف بلد هذا السفير فوصف الخليجيين بـ”الحفاة العراة”، بعد أنباء وقف دعم دول الخليج لبلاده، وقال “انهم يتطاولون على أسيادهم”.
ألم يفكر هذا السفير العربي وصحافة بلاده بأن ذلك الكلام إساءة لمشاعر الكويتيين، فهل الديبلوماسية تعني إلقاء الكلام على عواهنه، ولم يبال أصاب أم أخطأ، حتى لو جرح مشاعر الناس؟
ان العنجهية العربية تتخيل دائماً ان مواطني الخليج “عرب صحراء لايفقهون شيئاً”، وبالتالي يمكن خرق العرف الديبلوماسي معهم، ولا يعرف العرب الآخرون ان موطن الأخلاق الحميدة ورجاحة العقل والعلم قد ولدت بهذه المنطقة، وإن معظم مواطني الخليج يفوقون طبقة الوافدين علماً وثقافة، بل إن بلدانهم حققت منجزات سياسية عجز عن تحقيقها العرب الآخرون، فمركز التأثير السياسي العربي انتقل منذ منتصف صيف عام 2006 الى بلدان دول الخليج، فنحن من لنا التأثير الأكبر على الساحة العربية، ولنا مواقف مؤثرة عند التعامل مع الدول الأجنبية أو في المحافل الدولية.
وللعلم، ففي إبريل عام 2016 نشر خبر يستفز مشاعر الكويتيين ووزارة الخارجية الكويتية، فقد نشرت صحيفة “النهار” الكويتية خبراً عن اجتماع داخل سفارة تلك الدولة يتعلق بأحوال رعاياها حضرته الصحف المحلية، حيث استعملت تلك السفارة “لغة أمر” في التخاطب مع الجهات الكويتية بدلاً من استعمال كلمة “تأمل” أو “ترج”أو “تلتمس” السفارة من السلطات الكويتية، بحيث شعر المستمع ان هذه السفارة تأمر أو تضغط على السلطات المحلية.
في الاجتماع قال ممثلها الديبلوماسي إن بلاده “تطلب من الكويت ألا تحتجز رعايا بلد السفارة في المخافر لمدة تزيد عن 24 ساعة، وسرعة انجاز المعاملات الخاصة بالإقامة، وسرعة حل المشكلات الخاصة بحالات الاحتجاز، وألا تقوم الكويت بحجز الرعايا على ذمة الأبعاد لفترة طويلة، وان يحصل العمال المبعدون على مستحقاتهم قبل تنفيذ قرار إبعادهم عن الكويت”، واستمر الحديث بهذا الأسلوب: “يطلب”،”يريد”،”عدم القيام”، وهذا الأسلوب غير لبق، وتدخل خارجي في شؤون الكويت الداخلية.
هناك “عبارات” في العرف الديبلوماسي و”أسلوب دقيق” في التخاطب الرسمي الديبلوماسي، بل إن “كل كلمة يقولها الديبلوماسي في التخاطب مع جهات البلد الآخر لها معنى ومدلول”، فقد تقول أميركا مثلاً “أنها تنظر بعين القلق”، فالمواطن العادي يعتبرها جملة عادية، أما في العٌرف الديبلوماسي فمعناها “ان الولايات المتحدة ستتدخل في منطقة مـا يجري الحديث عنها، وربما ترسل طائرات وبوارج حربية”، لذا ينبغي اختيار الكلمات اللائقة عند التعامل الديبلوماسي مع الآخرين.
فكما ان هذا البلد لا يتخيل أبداً ان تضغط عليه الكويت، فعلى البلد العربي أيضاً ألا يتدخل في قوانين البلاد المحلية، فقد كنا بلداً آمناً، وما زادت الجرائم بأشكالها المتنوعة إلا بعد أن زاد عدد الوافدين.
إننا لوانتقدنا سفارة أجنبية لنقلت الموضوع الى “قسم دول الخليج” بوزارة خارجيتها لدراسته وانتهى الأمر عند هذا الحد، لكن لو تعلق الأمر بهذه السفارة العربية لسارعت صحافتها تكيل الانتقادات الجارحة ضد الكويت وتستهزىء بالكويتيين، بينما الكويت لم تعرف الرشوة وخلط المخدرات بالمكسرات وخرق القانون والجرائم المتنوعة الا مع زيادة الوافدين، وعليه فلا تأخذ العنجهية ممثلي السفارات ويجرحون مشاعر الكويتيين.