الأميرة أليس من بين ‘المستكشفات الأوائل لشبه الجزيرة العربية’
تشارك مكتبة الملك عبدالعزيز العامة حاليا بمعرض “المستكشفات الأوائل لشبه الجزيرة العربية” الذي تقيمه سفارة المملكة العربية السعودية بمقر الجمعية الملكية للجغرافيا بالعاصمة البريطانية لندن ويستمر حتى 6 من مارس/آذار 2023 بعرض مجموعة الأميرة أليس المصورة كونتيسة أثلون التي زارت مع زوجها إيرل أثلون السعودية والبحرين في شتاء عام 1938.
وتوثيقا لهذه الزيارة التاريخية كانت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة قد أصدرت قبل سنوات مجلدا شاملا يتضمن مجموعة الصور التي التقطتها أليس مع مقدمة تاريخية تلقي الضوء على هذه الزيارة والأماكن التي زارتها مع زوجها واستقبال الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود لهما.
خلال الفترة ما بين 25 فبراير/شباط و17 مارس/آذار 1938 تمت الزيارة، حيث كانت الأميرة أليس أول شخصية من الأسرة المالكة البريطانية وحتى الأسر الملكية الأوروبية قاطبة يزور المملكة العربية السعودية في ذلك الحين.
ويتضمن المجلد مجموعة ثرية من الصور التاريخية النادرة التي التقطتها الأميرة أليس – حفيدة الملكة فيكتوريا- أثناء رحلتها.
أبحرت الأميرة أليس وزوجها من إنجلترا حتى ميناء بورسعيد واتجها منه إلى القاهرة ثم إلى بور سودان وصولا إلى ميناء جدة حيث استقبلهم الأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – وتشرفا بلقاء الملك عبدالعزيز آل سعود الذي صادف وجوده آنذاك في جدة، وأقام الملك مأدبة كبيرة على شرف ضيفيه، قاما بعدها برحلات متنوعة للتنزه بالمنطقة.
ومن غرب المملكة اقتضت زيارتهما عبور الجزيرة العربية إلى شرقها مرورا بالطائف، حيث توجهت الأميرة أليس ومرافقوها إليها بقافلة سيارات، ثم ما لبثوا أن صادفتهم صعوبات شتى ولكن تلك المصاعب لم تفت في عضد الأميرة أليس التي أسرتها المناظر الخضراء الخلابة التي رأتها خلال الطريق، واستمتعت بقضاء الليالي في المخيمات التي كانت تنصب لهما بين الفينة والأخرى في فترات منتظمة عبر الصحراء.
وبعد عبور طرق وعرة مرورا ببئر عشيرة والداودمي استقرت الأميرة أليس وزوجها في قصر الضيافة الملكية في البديعة على الضفة الغربية لوادي حنيفة، ثم قاما بزيارة للرياض، حيث استقبلهما ولي العهد – حينذاك – الأمير سعود بن عبدالعزيز في قصر الحكم، عقب ذلك تجولا في الرياض حيث شاهدا حصن المصمك، ثم العاصمة السعودية السابقة (الدرعية).
وقد واصلت قافلة الأميرة أليس رحلتها من الرياض نحو ساحل المملكة الشرقي على الخليج العربي، ثم توقفت في الأحساء، فاستقبل أمير المنطقة الأمير سعود بن جلوي الأميرة أليس وإيرل أثلون وواصلا رحلتهما بالسيارات إلى العقير ثم الدمام، وقاما بزيارة آبار البترول في بداية إنتاجه بكميات تجارية، ومن هناك أبحرت الأميرة أليس وإيرل أثلون إلى مملكة البحرين، قبل أن يستقلا الطائرة مغادرين إلى القاهرة ثانية ثم العودة منها إلى وطنهما.
قامت الأميرة أليس بتوثيق رحلتها التي استمرت ثلاثة أسابيع من خلال تصويرها عددا من أحداثها وتفاصيلها بصور نادرة لم تنشر من قبل، إضافة إلى فيلم سينمائي وكتبت مذكراتها حول الرحلة في صورة خطابات موجهة إلى ابنتها (ماي) إضافة إلى ما تضمنه تقرير ريدر بولارد الوزير البريطاني المفوض في جدة، واصفا الرحلة بأنها لاقت نجاحا هائلا على الصعيدين: الاجتماعي والدبلوماسي.
لقد كانت الأميرة أليس بارعة في فن التصوير والتقطت بكاميراتها أكثر من 320 صورة فوتوغرافية نادرة باللونين: الأبيض والأسود، وضمن هذه الصور بعض الصور الملونة، قام بالتقاطها شخص آخر، ويُظنّ أنها أول صور ملونة تلتقط في المملكة العربية السعودية على الإطلاق.
وتسعى مكتبة الملك عبدالعزيز العامة عبر هذه الصور النادرة المحفوظة إلى إتاحتها للباحثين والدارسين للوقوف على مراحل تطور المملكة في فترة وجيزة من الزمن ولذلك تقيم المكتبة معرضا دائما في قاعة الندوات بطريق خريص لهذه الصور النادرة التي تمنحنا شاهدا أمينا على التواصل والتفاعل بين الثقافات.
يذكر أن معرض “المستكشفات الأوائل للجزيرة العربية” كان قد افتتح في الثامن من فبراير/شباط الجاري تحت رعاية الأمير خالد بن بندر بن سلطان بن عبدالعزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة وخُصص المعرض لخمس مستكشفات هن: المستكشفة الإنجليزية الليدي آن بلنت التي ألفت كتابا عن رحلتها بعنوان “رحلة إلى بلاد نجد”، والباحثة والمستكشفة وعالمة الآثار الإنجليزية جيرترود بيل، والكاتبة والمستكشفة الليدي إيفلين كوبالد، والمستشرقة الاسكتلندية الليدي إفلين زينب كوبولد التي ألفت كتابا عن أدائها لمناسك الحج باسم “الحج إلى مكة”، وأخيرا الأميرة أليس كونتيسة أثلون التي زارت مع زوجها المملكة العربية السعودية والبحرين، فأصبحن بذلك مصدر إلهام للأجيال اللاحقة من المستكشفات والباحثات.