سعود السمكة : صحوة مباركة
قرار وقف المساعدات والقروض التي يقدمها صندوق التنمية بتغيير سياستها عما كانت عليه في السابق، حين كان يساعد ويقرض قروضا بلا شروط ولا فوائد، وحين جد الجد وتعرضت البلاد للعدوان العراقي وقفت الدول التي كانت تستأثر بالنصيب الاكبر من مساعدات وقروض الصندوق مع المعتدي ضد تحرير الكويت، بنكران آثم ووقاحة، ولم يبين في عينها جميع المساعدات التي كانت شبه مجانية وسنوية، كرما وعطفا.
بل لم تكتف بتأييد العدوان،انما وقفت معه ضد قرارات الدول العربية، وقرارات الشرعية الدولية التي كانت تطالب القوات العراقية الغازية بالخروج من الكويت.
نعم إنه قرار حكيم وصائب رغم انه تأخر كثيرا، فكثير من الدول تدفع مساعدات، لكنها مشروطة، وتتوافق مع مصالحها، وهي مساعدات سياسية وليست انسانية.
إن مساعدات الكويت منذ القدم لها ثلاثة ابعاد، الاول: هي مساعدة واجبة تجاه اشقائنا في الخليج، هؤلاء الاشقاء الذين نحن معهم عبارة عن الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ومن هذا المنطلق كانت الكويت تشعر بالالتزام الأخلاقي، والواجب الشرعي عليها، أن تقف مع أخوة لها باعتبارهم أهلا وعزوة، وتعتبر أن ما أفاء الله عليها من خير هم شركاء معها، وعليها واجب المساعدة من غير منة ولا اذى، بل من باب مساعدة الشقيق شقيقه.
إن هذه الوقفة مع اشقائنا في الخليج قابلها كرم الوفاء، واصالة النفوس، ومعادن الشعوب والحكومات في الملمات والمحن، فقد تجلت مواقف رجال اوقات العسرة وايام المحن، وابدعت أخوات الرجال كما ابدع الرجال والدول، حكاما ومواطنين بشجاعة الفزعة، وكرم العطاء بكل وفاء وعطاء المحبة.
بدأها من أعلنها على رؤوس الاشهاد الملك فهد، رحمه الله، حين قال جملته التي غاصت في اعماق التاريخ الكويتي والسعودي: “السعودية والكويت جسد واحد فإذا ذهبت الكويت فالتذهب السعودية”، ثم من بعده عبدالله الوفاء، وسلمان العز، نسأل الله له طول العمر، ومحمد الفخر إمام الشباب و أمل المستقبل.
تبع هذه الوقفة الاصيلة من المملكة موقف الشهامة من الشيخ زايد، طيب الله ثراه، وخلفه دولة الامارات، حكاما وشعبا، ثم المرحوم السلطان قابوس، ثم الشيخ حمد امير قطر، رحمة الله عليه، وشعبه الابي، ومملكة والبحرين الشيخ عيسى بن سلمان، وشعب البحرين الوفي.
هؤلاء العزوة والسند فزعوا الفزعة الكبرى منذ اليوم الاول الذي اجتاحت به قوى البغي والعدوان العراقي بلادنا، وفتحوا لنا قلوبهم قبل بيوتهم، واكرموا وفادتنا، وسخروا اموالهم وارواح ابنائهم واراضيهم فداء للكويت.
هؤلاء هم الذخر وأهل العزم بارك الله فيهم وأعز ديارهم، اما من شارك شكلا وقبض ثمن هذه المشاركة، واصبح يعايرنا ليلا نهارا بجملة “حررناكم” فلن نقول له: الا سامحكم الله، لكن مساعدتنا لن تكون مستقبلا الا لشعبنا، ومن يستحق المساعدة انسانيا من الدول الاسلامية الفقيرة.
ونذكر هنا بالامتنان اشقاءنا في لبنان حين بادروا الى استنكار العدوان الباغي منذ ساعاته الاولى.
نكرر احسن ما فعلتم يا حكومتنا انكم اوقفتم المساعدات المفتوحة “لمنكر الحسنة”.
تحياتي