ميقاتي يعرقل تحقيقا قضائيا في شبهات فساد مالي
طلب نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان من قوات الأمن عدم تنفيذ أوامر قاضية لبنانية وجهت في الآونة الأخيرة اتهامات لبنكين، وفق ما أظهرته وثائق اطلعت عليها “رويترز”، فيما وصفه منتقدون بأنه دليل جديد على التدخل السياسي في عمل القضاء في بلد تكرست فيه ثقافة الإفلات من العقاب رغم أزماته المتراكمة.
ووجه ميقاتي رسالة إلى بسام مولوي، وزير الداخلية والبلديات الأربعاء طلب فيها من الأجهزة الأمنية عدم تنفيذ القرارات الصادرة عن القاضية والنائب العام الاستئنافي في جبل لبنان غادة عون.
وأصدر مولوي توجيها الأربعاء طلب من مديرية الأمن العام اللبناني وقوى الأمن الداخلي عدم التصرف بناء على أوامر غادة عون.
وتتابع القاضية عون التحقيقات في القطاع المالي اللبناني منذ انهياره في 2019 بعد عقود من الفساد الحكومي والإنفاق المسرف وسوء الإدارة المالية.
ونشرت غادة عون على تويتر صورة وثيقة رسمية يأمر فيها وزير الداخلية الجهات الأمنية بعدم التعاون معها بناء على توجيه من رئيس الحكومة وغردت تعليقا على الوثيقة قائلة “تدخل غير مسبوق في عمل القضاء ومناصرة من قبل وزير الداخلية للفريق المدعى عليه على حساب الجهة المدعية. معقول وحضرته كان قاضي. في نصف الشعب اللبناني حُرم من جنى عمره ورزقه ومدخراته ألا يعنيك ذلك؟؟ كيف تسمح لنفسك بالتدخل في مسار الدعوى. هذا انهيار كلي للعدالة في هذا البلد المسكين”.
وقال نزار صاغية من منظمة المفكرة القانونية للحقوق المدنية إن الخطوات أظهرت كيف تحولت أسس أصول الملاحقة القضائية إلى سلاح حكومي للتخلص من القضاء.
ونقل بيان لمكتب ميقاتي الذي اعتبر أن قرار غادة عون يمثل تجاوزا للسلطة، نفي رئيس حكومة تصريف الأعمال اتهامات التدخل في القضاء.
واشتكى أكبر قاض لبناني وأعضاء آخرون في القضاء في الماضي من التدخل السياسي في الإجراءات القضائية. كما أن القضاء منقسم حول كيفية التعامل مع التحقيق في انفجار ميناء بيروت عام 2020.
وتسبب قرار المحقق العدلي طارق البيطار في يناير/كانون الثاني الماضي باستئناف التحقيق في قضية انفجار مرفأ بيروت في أزمة قضائية حادة تطورت إلى حد قيام النائب العام التمييزي غسان عويدات بتوجيه اتهامات إلى البيطار.
وفي إطار تحقيقاتها المالية، جمدت غادة عون العام الماضي أصول خمسة بنوك كبرى وأعضاء مجالس إدارتها على الرغم من عدم توجيه اتهامات لهم بارتكاب أي مخالفات.
كما اتهمت حاكم البنك المركزي رياض سلامة العام الماضي بالإثراء غير المشروع في قضية تتعلق بتحقيقات فساد أوسع في لبنان وخمس دول أوروبية على الأقل. والمزاعم ينفيها سلامة الذي اتهمه قاض لبناني آخر اليوم الخميس بالإثراء غير المشروع.
ويواجه سلامة تحقيقا دوليا بتهم تبييض أموال واختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي بين 2002 و2021، فيما يتهمه اللبنانيون بالتسبب في إفلاس بلدهم محملينه مسؤولية انهيار الليرة اللبنانية، كما يواجه تحقيقا محليا بشأن ثروته إلا أنه لم يصل إلى أي نتيجة.
ووجهت القاضية عون يوم الاثنين الماضي لبنك سوسيتيه جنرال في لبنان ورئيسه التنفيذي اتهام “غسل الأموال” كجزء من تحقيقها في المعاملات بين البنوك التجارية والبنك المركزي. ونفى بنك سوسيتيه الاتهامات وقال إنه لم يرتكب أي مخالفات.
وكانت قد وجهت الاتهام نفسه في 13 فبراير/شباط لبنك عودة وبعض مسؤوليه التنفيذيين، بينما أكد البنك أنه يحترم جميع قوانين البنوك في لبنان والخارج.
وفقد قطاع واسع من اللبنانيين الثقة في قضاء بلدهم على خلفية تدخل السياسة في التعيينات القضائية، فيما يعتبر عدد من القضاة محسوبين على طوائف وأحزاب سياسية.
ويتصدر لبنان قائمة أسوأ ثلاثة انهيارات مالية شهدها العالم منذ القرن التاسع عشر، إذ طال الفقر ثمانية من بين كل 10 أشخاص وفقد واحد من كل خمسة عمّال وظيفته وصارت 41 في المئة من العائلات عاجزة عن الوصول إلى الطعام والأساسيات الأخرى.