محمد يوسف : اتفاق النوايا الحسنة
خطوة مهمة على طريق إعادة الأمور إلى نصابها، والخروج من دائرة التوتر وعدم الاستقرار واستعراض العضلات، الكل سيكون رابحاً من الاتفاق الذي وقع في بكين بين المملكة العربية السعودية وإيران، على عكس ما شهدناه طوال عقد من الزمان، فالخسارة طالت الجميع.
عودة العلاقات بين ضفتي الخليج إلى طبيعتها تعني أننا مقبلون على مرحلة هدوء وتعاون في كل المجالات، وأولها استكمال نزع فتيل المشكلات المعلقة، حتى يكون التعامل المستقبلي بعيداً عن مؤثراتها، ومن بعدها اعتقد أن النوايا الصافية قد تحقق نقلة اقتصادية تصب في مصلحة دول المنطقة، مؤكدة أن «تصفير المشكلات» يعني مزيداً من التنمية والتطور.
نعلم جيداً أن هناك ملفات شائكة، تحتاج إلى جهد مضاعف، وإلى إدارة تسعى إلى الحل وليس التعقيد، وإلى استبدال سياسة التصعيد حتى ولو كان مجرد تصريحات غير مسؤولة تصدر من حين إلى آخر عن جهات مسؤولة، وقد أوضح البيان الثلاثي الصادر في بكين أهم تلك المشكلات وملفاتها، وخصوصاً الالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والعودة إلى الاتفاقات السابقة الموقعة بين الدولتين، سواء أكانت اقتصادية وتجارية أم أمنية.
هذه المنطقة بحاجة إلى الاستقرار، والاستقرار لن يتحقق إلا عن طريق أبنائها، وما خسرناه منذ الحرب الإيرانية العراقية بداية الثمانينات جلب الويلات على المنطقة كلها، وامتد ذلك إلى العمق العربي والآسيوي، ولنا أن نتصور الحال لو أننا كنا على وفاق وما مررنا بأربعة عقود من سياسة البحث عن امتداد النفوذ وصناعة الوكلاء وإثارة الأزمات، وهذا ما نطمح إليه اليوم، أن نتفرغ للبناء وتوفير الحياة الكريمة لشعوب المنطقة، والتخلص من التدخلات الأجنبية التي لا تخدم غير مصالحها.
نبارك لأنفسنا على الاتفاق السعودي الإيراني، ونوجه تحية إلى جمهورية الصين الشعبية على ما قامت به لتحقيق المصالحة وإعادة العلاقات بين الطرفين.