رأي في الحدث

عبدالله الأيوبي : الأمير الفيصل يفضح نفاق الغرب

معروف‭ ‬عن‭ ‬الأمير‭ ‬تركي‭ ‬الفيصل،‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬للمخابرات‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬مواقفه‭ ‬الصريحة‭ ‬تجاه‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يعرض‭ ‬نفسه‭ ‬لأي‭ ‬مجاملات‭ ‬دبلوماسية،‭ ‬حين‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بقضية‭ ‬هو‭ ‬مؤمن‭ ‬بها‭ ‬وبعدالتها،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وسياسة‭ ‬النفاق‭ ‬والكيل‭ ‬بمكيالين‭ ‬التي‭ ‬تنتهجها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬حيال‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬ذات‭ ‬البعد‭ ‬الإنساني‭. ‬ففي‭ ‬حديث‭ ‬له‭ ‬مع‭ ‬قناة‭ ‬التلفزة‭ ‬الفرنسية‭ (‬lci‭) ‬انتقد‭ ‬بشدة‭ ‬ازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬لدى‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬الأمير‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الغرب‭ ‬فرض‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬بسبب‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬عندما‭ ‬غزت‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬المعايير‭ ‬المزدوجة‭ ‬والظلم‮»‬‭.‬

ما‭ ‬صرح‭ ‬به‭ ‬الأمير‭ ‬الفيصل‭ ‬هو‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخطئها‭ ‬العين،‭ ‬فالدول‭ ‬الغربية‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬مصالحها‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬الهيمنة‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الأحادية‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬سارعت‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬بسبب‭ ‬عمليتها‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬مشروعية‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬من‭ ‬عدمها،‭ ‬فإن‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬لم‭ ‬تزج‭ ‬بثقلها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬دفاعا‭ ‬عما‭ ‬تسميه‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وسيادة‭ ‬الدول،‭ ‬لأن‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬هي‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬يتمسك‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الحجة،‭ ‬فالشواهد‭ ‬على‭ ‬انتهاكها‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬وسيادة‭ ‬الدول‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬أول‭ ‬ولا‭ ‬آخر،‭ ‬ويكفي‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي،‭ ‬حيث‭ ‬تقف‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬وليبيا‭ ‬شواهد‭ ‬دامغة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭. ‬

لم‭ ‬تبق‭ ‬عقوبة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬أجندة‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬إلا‭ ‬وفرضتها‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الرياضة‭ ‬ومرورا‭ ‬بالموسيقى‭ ‬والأدب‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬بجميع‭ ‬فروعه،‭ ‬حتى‭ ‬القطط‭ ‬الروسية‭ ‬أدرجت‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬العقوبات،‭ ‬والحجة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬‮«‬انتهكت‮»‬‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وقامت‭ ‬‮«‬بغزو‮»‬‭ ‬دولة‭ ‬مستقلة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬تبيح‭ ‬لنفسها‭ ‬انتهاك‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬والعبث‭ ‬بسيادة‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬مبرر،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬مثلا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالاحتلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬لأجزاء‭ ‬من‭ ‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬السورية،‭ ‬وسرقة‭ ‬ثروات‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستيلاء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬على‭ ‬آبار‭ ‬النفط‭ ‬واستغلالها‭ ‬لصالح‭ ‬الآلة‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭.‬

القانون‭ ‬الدولي‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬يعتبر‭ ‬مقدسا،‭ ‬حين‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بأطراف‭ ‬لا‭ ‬تساير‭ ‬السياسة‭ ‬الغربية‭ ‬والأمريكية،‭ ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أصدقائها‭ ‬وحلفائها،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬مجرد‭ ‬حبر‭ ‬على‭ ‬ورق،‭ ‬والأمير‭ ‬الفيصل‭ ‬محق‭ ‬تماما‭ ‬حين‭ ‬يتهم‭ ‬الغرب‭ ‬بالنفاق‭ ‬والازدواجية،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬حقائق‭ ‬قائمة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬إنسان‭ ‬صادق‭ ‬أن‭ ‬يتجاهلها‭ ‬أو‭ ‬يلتف‭ ‬عليها،‭ ‬فسلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬‮«‬الإسرائيلي‮»‬‭ ‬استولت‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬عدوان‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم‭ ‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬مختلف‭ ‬المؤسسات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬تدين‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭ ‬وتطالب‭ ‬بانسحاب‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأراضي،‭ ‬دونما‭ ‬أي‭ ‬اكتراث‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬هذه‭ ‬السلطات‭.‬

الدول‭ ‬الغربية‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تقر‭ ‬قولا‭ ‬وعلنا‭ ‬بأن‭ ‬وجود‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬هو‭ ‬بمثابة‭ ‬احتلال‭ ‬ويخالف‭ ‬قوانين‭ ‬وقرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬وبأن‭ ‬جميع‭ ‬الخطوات‭ ‬والتغييرات‭ ‬التي‭ ‬تحدثها‭ ‬في‭ ‬التركيبة‭ ‬الديموغرافية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأراضي‭ ‬هي‭ ‬أعمال‭ ‬مخالفة‭ ‬لهذه‭ ‬القوانين‭ ‬والقرارات،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬حدود‭ ‬الأقوال‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تغير‭ ‬من‭ ‬الوضع‭ ‬شيء،‭ ‬فهذه‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬قال‭ ‬الأمير‭ ‬الفيصل،‭ ‬أنها‭ ‬عاقبت‭ ‬روسيا‭ ‬بسبب‭ ‬عمليتها‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬لم‭ ‬تتخذ‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬عملي‭ ‬ضد‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ولم‭ ‬تحرك‭ ‬ساكنا‭ ‬لإجبار‭ ‬هذه‭ ‬السلطات‭ ‬على‭ ‬الانصياع‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬وقرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭. ‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى