أحمد الدواس : انظروا إلى أحوال الشعوب وحافظوا على بلدكم
سعوب كثيرة تعاني الأزمات، إذ يعيش نصف سكان العالم على أقل من دولارين في اليوم، وفي الهند ينتحر الناس عندما لا يحصدون ما يزرعون، وبعضهم باع أطفاله (إندبندنت البريطانية 2 يناير 2011).
وطلبت نيكاراغوا من شعبها الجائع أكل المزيد من السحالي، وأعدم زعيم كوريا الشمالية مسؤولين، أحدهم أخذ غفوة نعاس خلال اجتماع حضره هذا الزعيم.
وهناك عنف في جنوب أفريقيا بسبب التفاوت المعيشي، وأصبح الذهاب الى المدرسة خطرا على حياة التلميذ في غواتيمالا، وتدهور الاقتصاد في زيمبابوي وفنزويلا وسريلانكا، واجتاح الجوع بلدان إفريقيا، وهناك عنف في الكونغو رغم غنى البلد بالثروات، مثل النفط والذهب والألماس والكوبلت والمعادن الثمينة.
الفقر ينهش الأفغان فاضطر بعضهم الى بيع أطفاله، وبيعت البنات في الهند لتسديد الديون (الغادريان 28 أكتوبر 2022)، وتمارس الجماعات المسلحة في نيجيريا خطف التلميذات والأولاد طلبا للفدية، وهناك حرب أهلية مستمرة في بورما.
ليست الأزمات مقصورة على الدول النامية، بل حتى الدول الغنية تعاني من مشكلات، فبعض الأميركيين مشرد في الشوارع، وفي بريطانيا كذلك، وبعض المتقاعدين في استراليا لا يملك مالا لشراء سيارة، أو ملابس، أو تصليح المنزل (ديلي ميل 6 يوليو 2018).
وأكثر من 124 مليون أوروبي يعانون الفقر، كما انه موجود في اليابان، وساد العنف والتعصب المجتمعات الغربية، ولا يخفى علينا سوء الوضع العربي بعامة.
في يوم ما كان العراق يعيش عصرا ذهبيا خلال العهد الملكي، فأطيح الملك، وتدهورت أحوال البلد، وكذلك في دول عربية أخرى عندما أطيح الملك فيها. لكن أبرز مثال، قد يشبه وضع الكويت، هو نيبال، وهنا أعتذر لسفارة نيبال في الكويت لتكراري ذكر بلادهم في بعض المقالات، فانظروا معي لتلك البلاد التي كانت مستقرة وآمنة في العهد الملكي، ثم تدهورت أحوالها بسبب احتجاجات شعبها.
كان ملك نيبال يحكم بلاده في آمن واستقرار، وفي يوما ما طلبت مجموعة من أفراد الشعب إجراء إصلاحات دستورية، ثم دعت المواطنين الى الخروج في تظاهرات شعبية تندد بالسلطة، فتدهور الوضع الداخلي في البلاد ونشبت حرب أهلية. في النهاية وافق الملك على التنحي عن السلطة وتسليمها للشعب، ثم ألغى البرلمان نظام الملكية، وتحولت البلاد الى النظام الجمهوري، لكن الشعب دفع ثمناً باهظاً، فقد مات في الاشتباكات الداخلية نحو 16 ألف نسمة، وظهرت توترات عرقية وطبقية، مع فساد المسؤولين والجيش والشرطة، وضعفت الوحدة الوطنية بشكل كبير، ودخلت البلاد في أزمات الواحدة تلو الأخرى.
كانت نيبال تغير حكومتها كل سنة تقريباً، وظهر فيها الخلاف على من يتولى منصب رئيس الحكومة، أو المناصب الوزارية، واستمرت الخلافات وتضررت البلاد بشكل كبير حتى وقتنا الحاضر.
لقد بتنا نخاف على بلدنا أن يضيع هذه المرة، بعدما رأينا ما حدث في النيبال من كوارث ومحن، فمن الملاحظ ان بعض النواب لدينا حتى يحصلوا على منصب رئيس مجلس وزراء شعبي، أخذوا يشحنون النفوس ضد رئيس الحكومة، لزعزعة أركان هذا المنصب الذي يتولاه شيخ موقر، حتى تضيق الدولة ذرعاً بذلك وتنظر أو تقبل برئيس حكومة شعبي، وهنا تحدث الكارثة.
بإذن الله، لن تحدث حرب أهلية في الكويت، لكن بالتأكيد سيتمزق المجتمع الكويتي بشدة ان تولى المنصب مواطن عادي يحابي رفاقه أو قبيلته، وقد تقول هذه الجماعة في ما بعد: “الحكم لنا الآن”.
وسيزداد الظلم بين الكويتيين، ويعم السخط والحنق على السلطة ولن يهدأ لبعض الناس بالُ، فيقولون: “لمَ أُختير هذا رئيساً لحكومة شعبية وليس ذاك الشخص”؟
وقد تحدث اضطرابات داخلية فيخرج من بيننا من يقول ان رئيس الحكومة الشعبي ظالم لا يستحق منصبه، وله مساوئ ومفاسد ونطالب بمحاكمته، لذلك “حافظوا على الوضع السياسي القائم”.
انظروا الى ما حدث للنظام الملكي في العراق ومصر وليبيا، وايران وكمبوديا ونيبال، والشعوب الأخرى، فكفى كفى ما حدث للكويت، واحمدوا ربكم على النعمة، حبوا وطنكم يا جماعة ولا تنساقوا وراء الجهلة حتى لا نتحسر يوماً على يومنا الحاضر.