رأي في الحدث

فخري هاشم السيد رجب :إعادة سوريا إلى دورها السابق وتصحيح المسار

هو الصمود السوري، والتغيير الاستراتيجي المذهل في السياسة السعودية بقيادة الأمير محمد بن سلمان، والذي تُوِجَ بالاتفاق مع إيران والتقارب مع سوريا وعلى كل المستويات.

سواء حضر الرئيس السوري بشار الأسد أو أرسل من يمثله في هذه القمة التاريخية، فسوف تكون الأنظار والإعلام كله موجها حول المقعد السوري الذي سُلِمَ ذات قمة عام ٢٠١٣ للمعارضة التي انكشفت أوراقها لاحقاً، وبغض النظر عمن كان يعتقد أنه يعمل لأجل ثورة مفترضة وهمية، حيث إن مسبباتها غائبة، أو من أراد أن يستفيد من مغريات الدولار والمزايا الأخرى، فإنه لا يمكن لأحد اليوم أن ينكر أن النصر السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد متصافح مع المتغيرات الإقليمية الجميلة والمهمة، التي فعلها بجهد ذكي الأمير محمد بن سلمان، كاسرا فكرة التشتت في خطوة جبارة سوف تحسب له عبر التاريخ، (إيران وجيرانها العرب) كلهم إسلام وكفى.

القمة العربية باتت قريبة لكنها لا تشبه هذه المرة القمم الأخرى، حيث تتصدر مصلحة العرب حقيقة الصدارة، وبعيدا عن التكتم والمزاودات، وكله بالمحصلة سيكون أساسا متينا قويا لنهضة سياسية عربية وازدهار اقتصادي متعدد المناحي.

ولكن ماذا عن الاتحاد الاوروبي؟

فعليا هناك أشياء كثيرة تحصل خلف الكواليس، فلكل دولة أوروبية، وإن كان يجمعها الاتحاد الأوروبي، مصلحة خاصة، ووضع خاص، خاصة في ظل التغيرات العالمية بعد الحرب الروسية- الاوكرانية. ففي العلن جميع الدول تقريبا تسترشد بالقرار ٢٢٥٤ القاضي بحصول تسوية شاملة، لكن في الحقيقة بدأت التصدعات في المواقف تظهر إلى العلن، فالسفارة اليونانية في دمشق تعمل منذ أشهر، بينما تمارس دول مثل إيطاليا والنمسا وبولندا شكلا من الضغط السياسي بغرض تغيير سياسة التعامل مع دمشق، المنتصرة، رغما عن الجميع، إضافة إلى مجموعة حقائق على الأرض كتزايد الهجرة من سوريا ولبنان باتجاه قبرص وإيطاليا، ناهيك عن موقف المعارضة التركية التي تبدي استعدادا كبيرا، لحل موضوع الاحتلال التركي وتسوية وضع اللاجئين وإعادتهم معززين إلى بلادهم: سوريا. فأوروبا لا يدخل في مصلحتها تنامي أفكار اسلاموية سيكون لها التأثير الحقيقي في بنية المجتمع الأوروبي. إضافة إلى اللهاث حول المشاركة بإعادة إعمار سوريا والاستفادة منه اقتصاديا، ولاشك أن مجموعة دول الاتحاد الأوروبي تدرك أهمية الإجماع الشعبي في سوريا والذي أثبتت مصداقيته رغم امتداد سنوات الحرب والحصار. فهذا أمر واقع ولا يمكن تجاهله، ويبدو أن انهيار الموقف الأوروبي سيأتي بالتدريج، دولة تتبع دولة أبرز مؤشر ظهر كان عام ٢٠١٨ حين زار نائب وزير خارجية بولندا دمشق. والنمسا اليوم في إعادة الاتصال الدبلوماسي، وهو ما يعني في المحصلة نجاح كل حركة إقليمية باتجاه إعادة سوريا إلى دورها السابق، وتصحيح المسار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى