رأي في الحدث

أحمد الدواس : لبنان يمنع فجر السعيد من دخول أراضيه

خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وفي سنة 1982، طلبت إيران من سفيرها في دمشق علي أكبر محتشمي بور، ان يساعدها في فتح فرع لها في لبنان لما يُسمى “حزب الله”، وتم ذلك، وكان بيان إنشاء الفرع يتعهد بــ” إقامة جمهورية إسلامية في لبنان”، فتدفق عليه مئات من رجال الدين الإيرانيين والمثقفين السياسيين.
وعاش في لبنان آلاف الإيرانيين المحسوبين على النظام الإيراني، واستغلت طهران الحزب، فورطت لبنان في حربٍ ضد إسرائيل في صيف 2006 فنجم عن الحرب تضرر الاقتصاد اللبناني مع خسائر بشرية ومادية تُقدر بمليارات الدولارات، فقال زعيم الحزب حسن نصر الله: ” لوكنا نعلم بتلك الخسائر ما جازفنا بالحرب”.
مارس الحزب العمل التجاري، فامتلك بنكا وشركة تأمين وفنادق وأسواقا مركزية وسيارات نقل، وتلقى الدعم الإيراني، وأصبح ميليشيا مسلحة هددت وضع الدولة، وأصبح دولة داخل الدولة، وبوقا لإيران، واستطاع مؤيدوه دخول البرلمان كنواب، فأخذ يعطل التشكيل الوزاري في بعض الحكومات، وساهم في تأخير اختيار رئيس الجمهورية، لدرجة ان لبنان عاش من دون رئيس نحو سنتين بعد مايو 2014، وصّوت في البرلمان ضد القوانين التي لا تعجبه، ما أدخل البلد في أزمات سياسية واقتصادية
خلال الحرب السورية، أشعل حسن نصر الله وحزبه نار الفتنة بين الشيعة والسّنة في طرابلس، وتدهور الوضع في بيروت، فأصبح المواطن لا يأمن على حياته من تفجير هنا أو هناك، وبات القرار اللبناني مخطوفاً من هيمنة الحزب ومصادرته لإرادة الدولة.
كذلك هدد “حزب الله” الكويت، وهاجم سياسة السعودية، فخسر لبنان دعمها المالي، وأصبح منعزلا عن محيطه العربي.
ثم ظهرت أزمات انقطاع الكهرباء والماء وتصريف النفايات، وحرائق الغابات، وحاول لبنان الاقتراض من الهيئات الدولية، التي اشترطت فرض ضرائب على الشعب، ولما فرضتها اندلعت الاحتجاجات في 17 أكتوير2019 فألغتها الحكومة.
هنا أخذت الطوائف كلها، السّنة والشيعة والمسيحيون والدروز، تنادي بإسقاط النظام السياسي الذي تترأسه طائفتها، فأسقط السّنة صورة رئيس الحكومة سعد الحريري، والمسيحيون أشعلوا النار في صورة الرئيس ميشيل عون، والشيعة حطموا مكاتب “حزب الله”، وحركة ” أمل” التابعة لرئيس البرلمان نبيه بري، وتحدى اللبنانيون حسن نصر الله علنية فهتفوا في بيروت ضده، وبأن السياسيين هم المسؤولون عن تخريب البلد.
سيدة لبنانية هي نائلة الخوري، وصفت زعيم “حزب الله” بقولها: “هذا ليس رجل دين، هذا سياسي مشارك بكل الفساد، فرض علينا عقوبات العالم، فكانت النتيجة أزمتنا الاقتصادية، هذا مستعد ليقلب لبنان على رأسنا من أجل سورية وإيران”.
ثم دخل لبنان في أزمةٍ مالية عندما حددت البنوك المبلغ المسموح للعميل سحبه، مع انخفاض سعرصرف الليرة أمام الدولار، فارتفعت أسعار الغذاء والسلع، فصب اللبنانيون غضبهم على البنوك، إذ لا يستطيعون سحب أموالهم كما يريدون، وانطلقوا في بيروت ليحطموا نوافذ البنوك، وآلات صرف النقود، وأتلفوا ممتلكات، عامة وخاصة، واشتبكوا مع قوات الأمن، وسقط جرحى، وما زاد غضب الشارع ان كثيرا من السياسيين لا يعانون الأزمة، وأموالهم لاتُمس، أو مخبأة في الخارج.
ثم حدث انفجار مرفأ بيروت وماطلت الحكومة في كشف أسبابه بضغط من “حزب الله”، وتفشي وباء “كورونا” مع نقص الأدوية والوقود، والتخبط في التشكيل الوزاري فتفاقمت الأزمة.
في مقالة سابقة اقترحنا مساعدة اللبنانيين عن طريق مشاركة العرب في تحويل مبالغ بسيطة إليهم يستلمونها من مكاتب “ويسترن يونيون”، الى حين تنفرج كربتهم، حتى لا تذهب الأموال الى البنوك أو تقع في يد المسؤولين.
كان لبنان أبرزالدول العربية في حرية الصحافة، ومنارة ثقافية، لكن بالأمس مُنعت السيدة الفاضلة فجر السعيد في مطار بيروت من دخول لبنان، لآراء كتبتها عنه، وأعلم ان ما أكتبه عن الحزب سيمنع دخولي لبنان الجميل، إنما هي أمانة الكتابة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى