الراعي يهاجم حزب الله وحلفاءه لتعطيلهم انتخاب رئيس للبنان “انتهاك بدم بارد” للدستور والنظام الديمقراطي
قال بطريرك الموارنة في لبنان اليوم الأحد إن فشل محاولة البرلمان لانتخاب رئيس يوم الأربعاء الماضي هو انتهاك “بدم بارد” للدستور والنظام الديمقراطي في البلاد وحذر من انقسامات تعمقت في البلاد.
وأدلى البطريرك بشارة بطرس الراعي بتلك التصريحات خلال أول عظة أحد يلقيها منذ أن أحبطت جماعة حزب الله وأقرب حلفائها محاولة من فصائل أخرى من بينها الأحزاب المسيحية الرئيسية لانتخاب جهاد أزعور المسؤول الكبير في صندوق النقد الدولي، رئيسا للبلاد.
وكانت هذه هي المرة الثانية عشرة التي يفشل فيها البرلمان في اختيار من يشغل منصب رئيس البلاد وهو المنصب المخصص للمسيحيين الموارنة وفقا لنظام المحاصصة الطائفية. ومنصب الرئاسة شاغر منذ انتهاء ولاية ميشال عون الذي كان متحالفا مع حزب الله في أكتوبر/تشرين الأول.
ووصف الراعي وهو منتقد بارز لجماعة حزب الله المدججة بالسلاح، جلسة يوم الأربعاء بأنها “مهزلة”، مضيفا خلال عظة الأحد “كيف نستطيع مع شعبنا… أن نقبل بمهزلة ما جرى في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية الأربعاء الماضي، بعد ثمانية أشهر من الفراغ والانتظار، حيث انتُهك الدستور والنظام الديمقراطي بدم بارد”.
وحث كل مسؤول على “الاعتراف بخطئه وتصحيحه” بعد قرابة ثمانية أشهر من الفراغ الرئاسي في لبنان. وعبر الراعي من قبل عن انتقاده لجماعة حزب الله بما في ذلك إطلاقها صواريخ على إسرائيل في 2021.
وظهرت الانتماءات الطائفية جلية في أزمة اختيار البرلمان للرئيس إذ دعمت الأحزاب المسيحية جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي ووزير المالية السابق بينما عارضه حزب الله وحركة أمل.
وقال الراعي إن “جرح الانقسام” يتوسع في وقت يحتاج فيه لبنان للوحدة، لكنه لم يشرح ما يقصده بالانتهاك في جلسة البرلمان.
وحصل أزعور على تأييد 59 صوتا من أصل 128 نائبا في البرلمان في تصويت أولي وهو ما يقل عن 86 صوتا المطلوبة للفوز بتصويت من الجولة الأولى وحصل سليمان فرنجية المدعوم من حزب الله وحلفائه على 51 صوتا.
وأنهى رئيس البرلمان نبيه بري وهو حليف لحزب الله، الجلسة بعد انسحاب حزب الله وحلفائه ليعطلوا بذلك نصاب الثلثين المطلوب لإجراء جولة ثانية من التصويت يمكن لمرشح أن يفوز فيها بدعم 65 نائبا.
وقال المطران إلياس عودة رئيس الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية في عظة الأحد منتقدا حزب الله وحلفاءه دون تسميتهم صراحة “هل أحسن التصرف من أدلى بصوته وغادر القاعة وكأنه غير مهتم لا بالبلد ولا بنتيجة الاقتراع؟”.
وطالب بعض النواب المؤيدين لانتخاب أزعور بإعادة إحصاء الأصوات أو إجراء تصويت جديد بعد أن ورد أن ورقة اقتراع مفقودة، لكن بري رفض وقال إن هذا الصوت لن يغير النتيجة.
وهاجم حزب الله وحلفاؤه أزعور ووصفوه بأنه مرشح المواجهة. كما وصفه مفتي الشيعة دون أن يذكره بالاسم بأنه مدعوم من إسرائيل، بينما قال هو إنه ليس مرشح مواجهة أو تحد كما يصفه خصومه، مشددا على أنه مرشح الوحدة.
وتأتي انتقادات الراعي بينما يصل المبعوث الفرنسي الخاص إلى لبنان وزير الخارجية الأسبق جان ايف لودريان الأربعاء المقبل إلى بيروت لإجراء محادثات مع المسؤولين السياسيين وسط أزمة سياسية وعجز عن انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، حسب ما أفاد مصدر دبلوماسي الأحد.
وأكّد المصدر ذاته أن “تاريخ الزيارة في الحادي والعشرين من يونيو (حزيران) مؤكد”، بعدما تحدثت وسائل إعلام لبنانية عن زيارة لودريان لبيروت “الأسبوع المقبل”.
وتحدّث مصدر آخر مطّلع على الملف عن زيارة يوم الأربعاء، لكن لم يحدد أيّ من المصدرين المدة التي سيبقى فيها لودريان في بيروت ولا المسؤولين الذين قد يلتقيهم.
والجمعة، أجرى وزير الخارجية الفرنسي السابق جان-إيف لودريان محادثات مع وزيرة الخارجية الفرنسية الحالية كاترين كولونا شاركته خلالها معطيات حول المناقشات التي أجرتها في الأشهر الأخيرة مع مسؤولين لبنانيين.
في اليوم نفسه، كانت الأزمة السياسية اللبنانية في صلب المحادثات بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال مأدبة غداء. وشدّد المسؤولان على “ضرورة وضع حد سريعا للفراغ السياسي المؤسساتي في لبنان”.
وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان مساء الجمعة إن عدم انتخاب رئيس منذ ثمانية أشهر “يبقى العائق الرئيسي أمام معالجة الأزمة الاجتماعية الاقتصادية الحادة” التي يعانيها لبنان.
في السابع من يونيو/حزيران، عيّن ماكرون وزير خارجيته السابق مبعوثا خاصا إلى لبنان للمساعدة في إيجاد حلّ “توافقي وفعّال” للأزمة اللبنانية التي تفاقمت، خصوصا بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/اب 2020.
وتدير البلاد منذ الفراغ الرئاسي حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، في وقت يشهد فيه لبنان منذ 2019 انهيارا اقتصاديا صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850. ويشترط المجتمع الدولي إصلاحات ملحة من أجل تقديم دعم مالي.