تقارير

ما الأسباب التي تجعل الجزائرترفض التدخل العسكري في النيجر؟

أكدت الجزائر رفضها القاطع لأي تدخل عسكري في جارتها الجنوبية النيجر، ودعت في الوقت ذاته إلى العودة للشرعية الدستورية، معربة عن استعدادها للمساعدة، دون أن تكشف عن أي جهود مستقبلية لإعادة الاستقرار السياسي في النيجر.

ومنذ الإطاحة بالرئي المخلوع بازوم، لم تخرج ردود أفعال الجزائر عن الموقف الدبلوماسي والمبدئي الرافض للانقلابات، بينما لا يزال الغموض يلف دورها المحتمل في المراحل المقبلة.

وتربط الجزائر والنيجر حدود مشتركة تمتد لنحو ألف كيلومتر، إلى جانب روابط إنسانية وتاريخية، ما يجعل الجزائر على رأس الدولة المعنية بأي تحول سياسي أو أمني في الدولة الغنية بالموارد الطبيعية وشديدة الفقر اقتصاديا.

وحتى الآن، لم يقدم فريق الانقلابيين، بقيادة تشياني، ورقة طريق سياسة لإدارة البلاد، وهو ما يُفسر، بحسب مراقبين، تريث الجزائر في الكشف عن دورها المحتمل مستقبلا.

ويتعرض قادة الانقلاب لضغوط كبيرة من الغرب، ولاسيما الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى “إيكواس”، للإفراج عن الرئيس محمد بازوم والعودة إلى الشرعية الدستورية.

وبعد بيانات رسمية ومحادثات هاتفية، حسم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون موقف بلاده برفض أي تدخل عسكري تقدم عليه “إيكواس” لإنهاء الانقلاب في النيجر.

ويتضح من موقفه أن الجزائر لا تدعم الخيار العسكري ولا تنوي المشاركة فيه ولا تعتزم اتخاذ إجراءات عقابية ضد الانقلابيين.

والسبت، ماقاله الرئي الجزائري تبون، في مقابلة مع وسائل إعلامية محلية: “نرفض بشكل قاطع وتام استخدام القوة في النيجر”، معتبرا أن “المشاكل القائمة تُحل بالتي هي أحسن (سلميا)” .

وحذر من أن التدخل العسكري إذا حدث سيكون “تهديدا مباشرا للجزائر، لما له من تداعيات عليها وعلى المنطقة ككل.

وعلى من يملكون عقلا النظر إلى البلدان التي تم التدخل فيها عسكريا، فالمشاكل ما زالت موجودة إلى غاية اليوم في ليبيا واليمن وسوريا”.

واضاف تبون : “لم يسبق في تاريخنا أن أرقنا دماء إخواننا أو أصدقائنا، ولن نفعل ذلك”، مضيفا أن بلاده ستتدخل فقط لمساعدة جيرانها اقتصاديا وتنمويا، مستدلا بموقف مماثل اتخذته مع مالي قبل عامين.

في الوقت نفسه، قال تبون: “نحن مع عودة الشرعية الدستورية وإذا كانوا يريدون مساعدتنا ألف مرحبا”.

وأبلغت الجزائر موقفها هذا لدول “إيكواس” عندما استقبل وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، الخميس، باباغانا كينجيبي المبعوث الخاص لرئيس نيجيريا الذي يتولى الرئاسة الدورية للمجموعة.

وحتى الآن، لم تتواصل الجزائر مع الانقلابيين في النيجر، ولم تتخذ أي إجراءات من قبيل غلق الحدود أو تعليق الرحلات الجوية والمعاملات التجارية.

وإلى جانب تقاسمها أطول الحدود البرية مقارنة بدول غرب إفريقيا الأخرى، تقع النيجر ضمن العمق الاستراتيجي للجزائر، بالنظر إلى الروابط الإنسانية والتاريخية والاقتصادية والأمنية منذ القدم.

ويتقاسم البلدان رابطة القرابة والدم، التي يجسدها السكان من الطوارق الممتدين بينهما وبعض القبائل العربية التي ينحدر منها الرئيس بازوم.

ومنذ عقود طويلة، يرتبطان بتجارة مقايضة تطورت في السنوات الأخيرة إلى مشاريع مناطق حرة، دعا الرئيس تبون مؤخرا إلى سرعة إنجازها في إطار خطط الجزائر الاقتصادية الرامية إلى رفع الصادرات خارج الطاقة.

ومضى البلدان قدما في إنجاز مشاريع استراتيجية في إطار التكامل الإقليمي، منها الطريق العابر للصحراء الذي يربط الجزائر بـ5 دول من الساحل الإفريقي، كما اتفقا على أن تتكفل الجزائر بإنجاز شطر النيجر من أنبوب الغاز لاغوس (نيجريا- الجزائر) بطاقة 30 مليار متر مكعب سنويا.

وعبر فرعها الدولي للاستكشاف والإنتاج، تملك شركة سونطراك الجزائرية مساهمة بتطوير حقول نفطية شمال النيجر منذ 2015، ووقَّعت مع وزارة البترول النيجرية في 2022 عقدا لتقاسم الإنتاج برقعة “كفرا”.

وعلى المستوى الأمني، تجمع البلدين اتفاقات منها اتفاق تسيير دوريات مشتركة لتأمين الحدود منذ 2021، والتواجد ضمن دول مجموعة الميدان التي تضم قادة أركان جيوش البلدين إلى جانب مالي وموريتانيا.

وتضع الجزائر هذه الدول ضمن حزام طوق الأمن القومي للبلاد،

وتعتبر الجزائر منطقة الساحل بؤرة أزمات أمنية هجينة، تضم الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية، لذلك ترفض كل العوامل المفاقمة التي تضع أعباءً إضافية على الجيش الجزائري في تأمين الحدود.

وحتى الآن، لم تظهر أي بوادر لتعارض ما يجري في النيجر مع مصالح الجزائر، على عكس فرنسا التي أجلت رعاياها، في وقت تحدثت وسائل إعلام محلية عن نوايا قادة الانقلاب تعليق تصدير اليورانيوم إلى فرنسا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى