رأي في الحدث

حمد سالم المري : سفهاء “قنوات التواصل”

قبل ظهور قنوات التواصل الاجتماعي، كانت عقول الناس مستترة، لا يفضحها إلا الكلام، أو الأفعال أمام الناس الذين يعيشون معهم.
لكن بعد ظهور هذه القنوات، فضحت الكثير من العقول الفارغة، وظهرت للعيان سفاهة أصحاب هذه العقول، حتى ولو كان أصحابها يحملون أعلى الشهادات الأكاديمية.
فقنوات التواصل، للأسف، أصبحت بسبب استخدام البعض، مثل فوهة المجاري الذي فتح غطاءها، فخرجت منها الحشرات، وفاحت رائحتها الكريهة، التي أزكمت الأنوف، وسببت الأمراض.
رغم أن هناك الكثير من الفوائد التي يتحصل عليها مستخدمو قنوات التواصل، مثل سهولة الوصول إلى المعلومة، وسهولة التواصل مع الأهل والأصدقاء، ونشر المعلومات، والاستفادة من خبرات الآخرين التي ينشرونها في حساباتهم.
إلا أن السفاهة، والتفاهة، زاحمت هذه الفوائد، فباتت هي السائدة بسبب دعم الكثير من الحسابات التجارية، وحسابات بعض من يطلقون على أنفسهم مشاهير.
الغالبية العظمى من هؤلاء المشاهير، فارغي العقول، همهم الحصول على المزيد من الشهرة، والمزيد من المال، فيبثون محتويات تافهة، تدل على سفاهتم، بتشجيع من بعض الحسابات التجارية التي ليس همهما إلا الربح المادي، ولو كان ذلك على حساب الدين، أو القيم والتقاليد الحميدة.
من ظواهر سفهاء قنوات التواصل الاجتماعي، ما نشاهده حاليا من تراشق بين مغردين كويتيين، وسعوديين، في منصة “×” بسبب أمور تافهة، ليس لها دلالة إلا فراغ وسفاهة عقول كاتبيها.
فهذا التراشق يشابه تراشق وهمز ولمز الضراير، وكأن الواحدة تقول للثانية “فستاني أحلى من فستانك”، أو تقول “شعري أطول من شعرك”، والأزواج لاهون عنهن، ليسوا مهتمين نهائيا بهذه السفاهة.
هناك بعض الحسابات التي تحاول جاهدة ضرب العلاقات الاجتماعية بين الشعبين الكويتي والسعودي بشتى الطرق، وللأسف يتأثر بهذه الحسابات بعض فارغي العقول من الشعبين، فيركبون الموجة معها من دون تبصر، فيهاجمون بعضهم بعضا لأتفه الأسباب، فيشحنون أنفسهم ضد بعضهم بعضا، حتى يصل الأمر إلى السب والشتم.
نحن في الكويت نعاني من وجود هؤلاء السفهاء، وبخاصة من يرون أنفسهم أنهم أفضل من غيرهم من البشر، وكأنهم شعب الله المختار، فنجدهم يهاجمون الوافدين في البلاد، ويهاجمون “البدون”، ويهاجمون الطوائف التي تخالفهم في المعتقد، ويهاجمون القبائل، ويهاجمون التجار، ويهاجمون العوائل الكويتية، حتى شوهوا صورة الكويت، وشعبها الطيب، في أعين الشعوب العربية الأخرى.
إذا نصحتهم، قالوا نفعل ذلك حرصا على الكويت، وأنهم يمارسون حرية الرأي في الانتقاد، وهم في الحقيقة يعيشون تناقضا كبيرا، لما يرونه من تردٍ للأوضاع في البلاد، في شتى المجالات، والصراعات السياسية، وتعطل التنمية، وتخلفنا عن ركب دول المنطقة.
مع ذلك يهاجمون الآخرين بسبب تطور التنمية عند تلك الشعوب، بقولهم نحن أفضل منكم لأن عندنا ديمقراطية وحرية كلام، يعني “أهم شي البربرة والكلام الكثير حتى ولو من دون إنجاز وتنمية”.

*السياسه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى