حمد سالم المري: انتصرت “حماس” وخسرت غزة
دائما أشاهد، وأقرأ في قنوات التواصل الاجتماعي، تعجب البعض من انقياد الناس وتصديقهم للمسيح الدجال، رغم انه مكتوب بين عينيه كلمة “كافر”، وقد حذرنا منه نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)، ووصف لنا أفعاله التي سيقوم بها.
هذا التعجب، قد يزول إذا سمع، وشاهد هؤلاء، تصديق الكثير من الناس تصريحات “حماس” أنها انتصرت في الحرب الصهيونية على غزة، بسبب حماقتها فيما سمته “طوفان الأقصى”، وتهنئة “الإخوان المفلسين”، ومن سار في فلكهم على هذا الانتصار، رغم قتل نحو 15 ألف فلسطيني، وجرح نحو 30 ألفا أخرين، غالبيتهم العظمى نساء، وأطفال، وشيوخ طاعنين في السن، أسأل الله أن يتقبلهم من الشهداء، وتدمير نحو 50 في المئة من غزة، مقابل مقتل نحو 100 أو 200 يهودي.
بعد سريان الهدنة التي توسطت لإقرارها مصر وقطر، خرج علينا المجهول المسمى أبا عبيدة الناطق باسم “القسام” يزف خبر الانتصار، ويشكر كلا من اليمن والعراق، ولبنان، وسماهم “محور المقاومة”، وهو يعني أذرع إيران العسكرية في المنطقة كـ”الحوثي” الذي اطلق صواريخه على مكة المكرمة، ومدن السعودية، و”حزب الله” اللبناني، و”الحشد الشعبي” المسؤولين عن قتل أهل السنة في العراق وسورية.
ومع ذلك هلل “الإخوان المفلسون” لهذا الانتصار الوهمي، وهاجموا كل من حكم عقله وشاهد القتل والتدمير لشعب غزة الأبرياء، دون أي يشاهد أي تقدم ميداني، أو سياسي، أو اقتصادي، لصالح القضية الفلسطينية، ووصفوه أنه صهيوني، أو منافق، ومرجف في الأرض.
من “الإخوان المفلسين”، من برر أن غزة انتصرت في الحرب، كون الدولة الصهيونية خسرت مليارات الدولارات، وانشلت الحياة عندها، وهرب مئات الآلاف من اليهود، وهجروا منازلهم، وكأن حساب الفوز والخسارة عنده المال، وليس أرواح البشر، ودم المسلمين الذي سفك ظلما، بسبب حماقة “حماس”، فالخسائر المالية التي حدثت للدولة الصهيونية المحتلة سوف تعوضها الدول الغربية، وعلى رأسها أميركا، أما دم وروح الفلسطينيين التي سفكت وزهقت، من سيعوضها؟
ومنهم من يبرر أن غزة انتصرت، كون الحرب فضحت النفاق العالمي للدول الغربية، وأظهرت للعالم، مدى جبن الصهاينة، وكأن المسلمين لا يعلمون بجبن اليهود، الذي قال فيهم الله تعالى “لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ”، أو أن شعوب العالم
لا تعلم بهذا النفاق، وتشاهده في أفعال هذه الدول منذ سنوات طوال، فهي دول نصرانية، توالي اليهود عقائديا، وتتبع مصالحها الاقتصادية التي يسيطر عليها اللوبي اليهودي الغربي.
من يشاهد ويتابع هذه الحرب العبثية، يجد أن المنتصر فيها هي “حماس” التي رجعت مرة أخرى إلى الساحة السياسية، وتستفيد ماليا من التبرعات التي ستتدفق إليها، مطالبة رئيسها إسماعيل هنية، بطوفان ثالث من التبرعات المالية.
والمنتصر الأكبر هي إيران التي أصبحت لاعبا رئيسا في القضية الفلسطينية، واستطاعت بسبب استخدامها لهذه الحرب كورقة تفاوض، أن تفرج عن مليارات الدولارات المجمدة في أميركا، فهي الأب الروحي والداعم ألأكبر لـ”حماس”، حتى أن الحكومة التايلندية، طلبت من إيران، إدخال الأسرى التايلنديين المأسورين لدى “حماس”، في عملية تبادل الأسرى المقررة في بنود الهدنة، لأنها تعلم أن “حماس” ذراع عسكرية لإيران حالها حال “الحوثي”، و”حزب الله”، و”الحشد الشعبي”، والخاسر الوحيد هي غزة وشعبها المغلوب على أمره.