حسن علي كرم : تذكروا مقولة غولدا مائير: المكان لا يتسع لكرسيين!
بعد نحو عامين من حرب السادس من حزيران 1967، اجرت احدى الصحف الاجنبية- لا اذكر اسمها- لقاءً مع غولدا مائير التي، وكانت حينها قد تولت منصب رئيس وزراء اسرائيل خلفا لليفي اشكول، كان اللقاء طويلاً، وقد فقد عن الذاكرة الكثير من ذلك اللقاء، لكن لا تزال تحمل عنوان اللقاء بالحجم الكبير بقولها: “المكان لا يتسع لمقعدين”، و كان السؤال: هل هناك امكانية قيام دولتين؟
فاجابت: “المكان لا يتسع لمقعدين”، بمعنى لا مكان لقيام دولة للفلسطينيين، وهذا بعد ان كانت اسرائيل متفوقة على العرب، وانتصرت في الحرب، واحتلت الكثير من الاراضي في مصر وسورية والاردن.
كان هناك الى جوار مائير وزير الدفاع موشي دايان، هذا الوزير الذي قال عن العرب: “انهم لا يقرأون واذا قرأوا لايفهمون”.
يأتي هذا الحديث في خضم الحديث الدائر بين الدول الفاعلة حول قيام الدولتين، (فلسطين واسرائيل) بايدن اميركا وماكرون فرنسا ومصر وقطر واخرون، ومقترح حل الدولتين ليس جديداً، فبعد تقسيم فلسطين طُرح اقتراح الدولتين، لكن العرب رفضوا، الى ان اعاد الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة بعد سنوات من الاحتلال واقترح قرار التقسيم، وقيام الدولة الفلسطينية، الا ان بدلاً من ان يشكروه على شجاعته، انهالوا عليه بالسب والخيانة.
هكذا العرب لا يعرفون صديقهم من عدوهم، فالخيانة والعمالة رائجة على لسانهم لا فرفق بين المثقف والرعاع، وهذا ما جعل العرب يتأخرون في كل شيء، ولا يفرقون ان كان تحت اقدامهم نفط ام “ماي صليبي”.
من هنا نستطيع ان نقول: ان العرب خسروا فلسطين، فالاسرائيليون ليسوا من الغباء حتى يوافقوا على تقسيم ارض محدودة لا تتسع لعشرة ملايين انسان الذين يشكلون السكان الحاليين في اسرائيل، التي مساحتها نحو واحد وعشرين الف كيلومتر مربع، في حين هناك من ينعت ان حلم دولة اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات.
ولعلنا نذكر في قمة بيروت مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز على الاسرائيليين باسم كل العرب تقسيم فلسطين الى دولتين مقابل اعتراف العرب باسرائيل وقيام العلاقات الطبيعية، لكن اسرائيل ككل الافكار والمقترحات المماثلة رفضت المقترح.
ماذا يدفعها لكي تقبل تقسيم قطعة دومينو الى نصفين، في حين حلمها التوسع، ثم ماذا يدفع بالاسرائيليين للتراجع عن مكاسبهم في الحروب السابقة، ليسكنوا مع جيران مزعجين؟
في حرب “طوفان الاقصى” الاخيرة هناك من اكد ان اسرائيل هشة والحرب قد كشفت ضعف القوة الاسرائيلية الاسطورية، لكن هناك رآي مخالف يرأى ان الاسرائيليين حتى وان لم يكونوا قوة قاهرة، فهناك قوى بالنيابة تدافع عن وجودها، والحرب الاخير كشفت اصدقاء اسرائيل وحجم قوتها.
في مفهوم الربح والخسارة في حرب ما يسمى “طوفان الاقصى” الاخيرة الغزاويون كانوا اول واكبر الخاسرين من حيث عدد الموتى والجرحى وهدم المنازل، وغير ذلك من البنية التحتية، واعادة اعمار غزة قد تحتاج مليارات، ولن يدفع احد فلساً واحداً بلا شروط، ودولة الضفة ودولة غزة تعيشان على التبرعات، والعرب اكثر الاطراف التي سوف تتنصل بالمشاركة باعادة ما هدمته الحرب دول “التعاون” الخليجي، وبخاصة الكويت، وهو ما يعنينا،كي لا تضرب حكومتنا الصدر باعمار ما هدمته الحرب.
“حماس” امطرت في فجر السابع من اكتوبر اسرائيل بوابل من الصواريخ ايرانية الصنع، ولهذا على حكام طهران ضمان الاعمار وهذا ما لا يتحقق، فالعرب الذين طبعوا مع اسرائيل سيبقون اصدقاء، والعرب الذين لا يزالوا على الرصيف، ومنهم الكويت، لا يجب ان يكونوا كبش فداء لحماقة “حماس” والغرور الكاذب، فنحن اولى باموالنا، سيما في وضع مالي مكشوف!