حمد سالم المري: الأمن العقائدي والفكري
يعتبر الأمن العقائدي والفكري، من ركائز الأمن القومي للدول، التي يحاول الأعداء الإخلال به.
نحن نعاني من زعزعة الأمن العقائدي والفكري، مما نشاهده ونسمعه ونقرأه، في قنوات التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام المختلفة، من أفراد، وحسابات، تنتمي لجماعات حزبية، عقائدية، وفكرية، منها من يتخذ الدين عباءة يستتر بها، ومنها، من يلغي الدين نهائيا، ويحصره في المسجد فقط، ومحاولة هذه الجماعات بث أفكارها في صفوف الشعب الكويتي، حتى تستطيع السيطرة عليه، وقيادته بكل سهولة.
خطورة فكر، ومنهج هذه الجماعات، أن بعضها تأسس على روايات كاذبة، مثل قول أحدهم إنه قدم إلى الكويت من بلده الأصلي في ستينيات القرن الماضي، فلم يشاهد كويتيا واحدا ملتحيا، أو واحدا يصلي في المسجد، بل كان المصلون من الوافدين كما يزعم، ولهذا قرر أن ينشر الصحوة في البلاد، وكأن الكويت وشعبها لم يكونوا محافظين على دينهم، وليس فيهم علماء، ومشايخ، وهذا والله كذب وبهتان.
بعض تلك الجماعات، مثل جماعة “الإخوان المفلسين” تأسست على يد حسن البنا، أنشأ حزبا سياسيا في دولته مصر، التي درس فيها بعض أبناء الكويت، فتأثروا بفكره ومنهجه، فجلبوا هذا الفكر الى البلاد، كما استغل هذا الحزب حاجة الكويت للمعلمين ولليد العاملة في بداية نشأتها كدولة مستقلة في ستينيات القرن الماضي، فقدم الكثير منهم، فانتشر فكرهم بين الشباب، وبخاصة أن حزبهم تأسس على أنه دعوة “سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية”، ويرتكز على قاعدة “نتفق في ما نتفق، ويعذر بعضنا بعضا فيما نختلف” مما جعله سهل التغلغل في صفوف الشعب الكويتي.
كما أن بعض هذه الجماعات تتبع الولي الفقيه الإيراني، وتؤيد منهج “حزب الله”، فأصبح ولاؤها لما يملي عليهم ملالي طهران، وأيضا هناك جماعات تتبع الفكر الليبرالي العلماني الذي يحصر الدين فقط في المسجد، ويمجد كل ما يقوله الغرب، من انحلال وتحرر باسم الحرية الفكرية.
يشكل فكر هذه الجماعات، ومنهجها خطرا على الشعب الكويتي المسلم المحافظ بطبعه، ولقد شاهدنا هذا الخطر أثناء احداث ما يسمى “الربيع العربي”، وتوافق هذه الجماعات الفكرية على تسيير التظاهرات، وتنظيم الاعتصامات، والتي كان من نتائجها، أعمال شغب، واقتحام مجلس الأمة، بحجة محاربة الفساد، والمطالبة برئيس وزراء شعبي، بهدف الوصول إلى السلطة.
كما شاهدنا تنظيم هذه الجماعات للاعتصامات والتظاهرات المؤيدة لـ”حزب الله” اللبناني، والأخرى التي تؤيد الجماعات المقاتلة في سورية، وحاليا تنظيم التظاهرات المؤيدة لـ”حماس”، فأصبحت البلاد ساحة للتظاهرات لكل حدث يحدث لجماعتها في الخارج، مما ازعج الشعب الكويتي المسالم.
خطر هذه الجماعات يتمثل في الاستمرار في نشر فكرها، ومنهجها بين الشباب، بسبب تغلغلها في مؤسسات الدولة، بدءا من المدارس، مرورا بالجامعة، والوزارات، ومؤسسات المجتمع المدني، حتى نجحت في خطف الرأي العام، مستخدمة الإرهاب الفكري، لكل من يعارضهم، أو يحذر من فكرهم ومنهجهم.
وإذا لم تتدارك الحكومة الأمر، فلا نستغرب إذا وصل حالنا كما لبنان، الذي يعاني من الصراعات الحزبية، والعقائدية، والتي بسببها انهار اقتصاديا، وسياسيا، وأصبح مختطفا من تلك الجماعات.
التصدي لهذه الجماعات وفكرها، يتمثل في التمسك بالقرآن الكريم، والسنة المطهرة، ومنهج الصحابة الكرام، الذين فهموا سنة نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)، والمرتكز على التوحيد، وترك ما سواه، ونشر هذا المنهج من خلال قنوات التواصل الاجتماعي، وخطب الجمعة، والمحاضرات الجامعية، وفي المدارس، ومنع أي جماعة من نشر فكرها المخالف لذلك، فالأمن الفكري أساس استقرار المجتمع.