حمد سالم المري: هل أغرق طوفان “حماس” إسرائيل؟
مضى نحو 162 يوما على تنفيذ “حماس” حماقتها المسماة “طوفان الأقصى”، ولم نشاهد تحرير متر واحد من أرض فلسطين المحتلة، بل على العكس تدمرت غزة بالكامل، واستشهد نحو 31533 وجرح نحو 72524 فلسطينيا من أهل غزة، معظمهم من الأطفال والنساء.
لا يزال منظرو “الإخوان”، ومن دار في فلكهم، يكابرون بقولهم إن “حماس” انتصرت على إسرائيل، وأن “طوفان الأقصى” حقق أهدافه، كونه أولا كشف للعالم مدى هشاشة وضعف الجيش الإسرائيلي، ومدى تواطؤ ودعم الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية للاحتلال الصهيوني.
وثانيا نجحت “حماس” في الصمود، ولم يتأثر عناصرها المسلحة كثيرا بهذه الحرب.فـ”حماس” لا يهمها تدمير غزة، ولا قتل شعبها، بل يهمها فقط سلامة عناصرها المسلحة، تحقيق سلامتهم يعتبر نصرا لها، حتى ولو كان على حساب حرق غزة، وجثث أهلها المدنيين.
وهذه السلامة سببها هروب عناصرها تحت الانفاق تاركين الشعب تحت القصف والقتل.عند بداية تنفيذ “حماس”
هذه الحماقة في 7 أكتوبر 2023 خرج علينا زعماؤها يزبدون ويرعدون، متوعدين إسرائيل بالويل والثبور، وأنهم لن يوقفوا عمليتهم العسكرية إلا بعد تنفيذ مطالبهم، والتي كان منها إطلاق الأسرى، وقيام الدولة الفلسطينية، وإعمار غزة، وغيرها من شروط تعلم علم اليقين أن إسرائيل، ومن ورائها أميركا، لن ترضى بها نهائيا.
وبعد أن تدمرت غزة، وقتل وشرد شعبها، أخذت “حماس” تتفاوض وفق شرطين أساسيين، إطلاق الأسرى، وخروج القوات الإسرائيلية من غزة كما كان الوضع قبل 7 أكتوبر.قبل تنفيذ حماقة “طوفان الأقصى”
كان عدد الأسرى الفلسطينيين بالمئات، واليوم أصبح بالآلاف، يعني حتى ولو وافقت إسرائيل على هذين الشرطين، فإنها ستطلق عشرات أو مئات الأسرى، مقابل أسرها للآلاف، وتدميرها لغزة، وقتل وجرح وتشريد مئات الالاف،
فما هي الفائدة التي جنتها “حماس” لغزة من هذه الحماقة؟
مرة أخرى ستسمع قول منظريهم إنها استفادت كشف تواطؤ الغرب ودعمهم للاحتلال الصهيوني، وكأن العالم لا يعلم بهذا التواطؤ والدعم منذ وعد بلفور عام 1917، والذي بسببه قامت دولة إسرائيل على أرض فلسطين عام 1948.
من السنة المطهرة عدم التحرش بالعدو، إذا كان أقوى عدة وعتادا من المسلمين، ففي غزوة الخندق، وتحالف الأحزاب المشركة لقتال المسلمين في المدينة المنورة، أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الصحابي الجليل حذيفة اليمان أن يتسلل بين الأعداء، ويأتي بخبرهم،
وأمره (صلى الله عليه وسلم) أن لا يحدث في القوم شيئا حتى يرجع لهم.
وفي رواية قال له “إتني بخبر القوم ولا تذعرهم علي”،
فرسول الله (صلى الله عليه وسلم) المؤيد من الله، أخذ بالأسباب طالبا من حذيفة عدم التحرش بالعدو، حتى لا ينقضوا عليهم فيهلكوهم.
وبالفعل استمع حذيفة لنصيحة رسول الله ولم يتحرش بالعدو، رغم أنه شاهد أبا سفيان، وكان في مرمى سهمه، فهم برميه بالسهم وقتله، لكنه تذكر نصيحة رسول الله، فلم يفعل ورجع للنبي، وأخبره بما رآه،
فنصر الله رسوله، وصحابته بأن أرسل ريحا شديدة هدمت معسكر الأحزاب فرجعت من حيث أتت، وكفى الله المؤمنين القتال.
ثم يأتينا أحد منظري “الإخوان المفلسين” محاولا تبرير حماقة “حماس” الإخوانية بقوله هناك قاعدة فقهية تنص على “لا يفتي قاعد لقائم”، محاولا التدليس على العامة، وهو يعلم أنها ليست قاعدة فقهية، بل قول فاسد،
كما قال جمهور العلماء، وهذا ليس غريبا عليه في التدليس كونه أساسا يرى بجواز الاعتراض على الله من باب الحرية الفردية.ويرى أن الحدود الشرعية أصبحت غير ملائمة للعصر الحالي، وأنه يجب تبديلها بما يتوافق مع التطور.
أسأل الله تعالى أن يحفظ أهل غزة ويحقن دماءهم.