إثيوبيا تتعلم العربية للتقارب مع مصر والسودان والخليج ..آبي أحمد: اللغة العربية هضم حقها في إثيوبيا
دعا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مواطني بلاده إلى تعلم اللغة العربية، وقال إن عدم تعلم العربية جعلنا نبتعد عن العديد من المواقع، مظهرا اهتماما خاصا بوضع المسلمين ومذكرا بالمشترك التاريخي، في إشارة واضحة تظهر اهتمام إثيوبيا بأن تكون جزءا من محيطها العربي الإسلامي وليس في قطيعة معه.
ودعا آبي أحمد كافة الإثيوبيين إلى تعلم اللغة العربية وإتقانها، وقال إن “اللغة العربية هضم حقها في إثيوبيا، وكانت تعتبر لغة المسلمين فقط، في حين أن المسيحيين في مصر وسوريا ولبنان وفلسطين يتحدثونها”، معربا عن أسفه لعدم تعلم الإثيوبيين العربية، وأضاف “كان هذا بمثابة الضرر” الذي لحقنا جراء عدم تعلم اللغة العربية.
وتسعى أديس أبابا إلى تطويق مخلفات أزمة سد النهضة مع مصر والسودان، وإعادة ترتيب العلاقة معهما على ضوء المصالح الإستراتيجية لبلاده، والبحث عن علاقات متكاملة تجعل من إثيوبيا جزءا من تحالف ثلاثي مع البلدين.
وسعت القاهرة إلى توسيع الخلاف الثنائي مع أديس أبابا بشأن سد النهضة ليكون خلافا عربيا – إثيوبيا من خلال حشد الدعم العربي لموقفها، وهو خيار لو نجح كان سيسبب متاعب لإثيوبيا.
ومن الواضح أن أديس أبابا تريد أن تتدارك هذا الموقف بالتلميح إلى رغبتها في أن تكون عضوا أو على الأقل مراقبا بالجامعة العربية.
وقال آبي أحمد “إن لم نكن أعضاء في الجامعة العربية كان يمكن أن نكون مراقبين، ولم نستطيع أن نكون مراقبين في الجامعة العربية وهو ما كان يمكن أن يجعلنا نوضح موقفنا في العديد من الملفات”، داعيا المسلمين إلى لعب دورهم خلال المراحل القادمة بالتعاون مع الحكومة الإثيوبية.
ويعتقد مراقبون أن دعوة آبي أحمد إلى تعلم العربية وإظهار الاهتمام بواقع المسلمين في بلاده الهدف منهما هو خلق مناخ إيجابي يسهّل توسيع دائرة التعاون العربي – الإثيوبي، والأهم هو التهيؤ لاستقبال الاستثمارات الخليجية الواعدة، وخاصة الإماراتية.
وعلى هامش زيارة رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى إثيوبيا وقّعت أبوظبي وأديس أبابا مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون في مختلف القطاعات، بما في ذلك الصناعة والزراعة والاستثمار والتمويل.
وتحظى إثيوبيا بأهمية كبيرة ضمن إستراتيجية الإمارات الخاصة بتعزيز علاقاتها مع دول القارة الأفريقية وتوسيعها، وتمتين جسور التعاون معها في المجالات المختلفة، وذلك انطلاقا مما تتمتع به إثيوبيا من حضور وأهمية في محيطها الإقليمي.
وتراهن أديس أبابا على تمتين العلاقات التجارية مع دول الخليج بعد الاتفاقية التي أبرمتها مع جمهورية أرض الصومال، والتي تمكّنها من منفذ على البحر الأحمر، وهو ما يفتح آفاقا أوسع لهذا التعاون وينقله من البعد الظرفي المحدود إلى بعد إستراتيجي.
وقال آبي أحمد، الذي كان يتحدث خلال لقائه بقادة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في إثيوبيا، “إن تصنيف مسلمي إثيوبيا مواطنين من الدرجة الثانية مسألة عفا عليها الزمن”، مؤكدا أن حكومته “تعتبر كافة الإثيوبيين مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن دينهم”.
وقال إن حكومته “تمضي في مسارها الإصلاحي باعتبارها حكومة علمانية، تقف على مسافة واحدة من كافة الديانات، وتمنحها حقها المستحق”، مشيرا إلى اعتراف حكومته بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية والسماح بفتح البنوك الإسلامية، معتبرا ذلك “حقوقا مكتسبة للمجتمع المسلم في إثيوبيا، ولا ينبغي أن يُشكر عليها”.
وتابع آبي أحمد أن حكومته “منحت المجتمع المسلم أكثر من 120 قطعة أرض لبناء المساجد، لكن هذا الأمر لم يتم على الشكل المطلوب”، وأعرب عن أمله في أن “يقوم المسلمون ببناء أكبر مسجد في إثيوبيا تفتخر به البلاد لكونها أرض الهجرة الأولى ويعكس تنوع جميع مسلمي إثيوبيا بتاريخهم العريق”.
ودعا أحمد مسلمي إثيوبيا إلى “المساهمة في نهضة المجتمع، وتحقيق السلم، والابتعاد عن العصبيات الدينية وتجاوز الانقسامات”، كما ناشد قادة المجتمع المسلم بالقيام بالتوعية “للتخلص من آفة تعاطي نبتة القات، لأنه ليس لها علاقة لا بالإسلام ولا بالثقافة، ومدمرة لصحتهم ومتلفة للمال”.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي “إن تعلم العربية وتدريسها مسألة بالغة الأهمية، وخير مثال على ذلك النجاشي الذي كان يتحدث اللغتين الجعزية والعربية بطلاقة”، كما حث آبي أحمد كافة الإثيوبيين بمختلف ديانتهم على تعلم اللغة العربية “لتوسيع مداركهم وآفاقهم، إذ أنها ستجلب الفوائد الكثيرة لإثيوبيا، وتعزز ترابطها ثقافيا واجتماعيا بالعالم العربي”، مؤكدا “أن ما يجمع إثيوبيا بالعالم العربي أكثر مما يفرقها، وأنه لولا الانفصال التكتوني للبحر الأحمر لكانت إثيوبيا جزءا من العالم العربي”.
*العرب