أحمد الجارالله : ولي أمرنا… باسم الدستور خرَّبوا كل جميل في بلدنا
ما عاشته الكويت في السنوات الماضية، يمكن تلخيصه برد فعل المواطنين الذين رأوا أنفسهم يعيشون في غبن وقهر، جراء التدخلات النيابية في كل صغيرة وكبيرة، لذا عندما يكتب أحدهم في وسائل التواصل الاجتماعي، عن اليوم التالي لحل مجلس الأمة، ويقول: “من اليوم ما في نائب يسلب حقك بالترقية ليضغط على وزير بترقية قريب له، أو مفتاح انتخابي، ولا نائب يتوسط لمختل عقلياً، ويدخله دورة ضباط عشان يتخرج ونبتلش فيه، ولا نائب يراكض بين الوزارات ليتوسط لمجموعة ما تبي تداوم، وتبي معاشها واهي بالبيت”، ويختم بـ”من اليوم نبدأ رحلة تنظيف ما أفسدته السنوات الماضية”.فهو يشرح واقعاً عاشه الكويتيون طوال العقود الخمسة الماضية، وهنا لا نكشف سراً إذا قلنا: نعم إن هذا الواقع تسبّبت به الاختيارات الشعبية الخطأ، إذ كان الناس يراهنون على أن القادم سيكون أفضل من السابق، لكنهم كانوا يُصدمون عندما يجدونه أسوأ، حتى إن خيارات النواب لها ثمن.كان من المفترض أن النواب هم النخبة التي تشرع من أجل مستقبل أفضل لمجتمع حيوي، تبلغ نسبة الشباب فيه نحو 63 في المئة، إلا أنهم ساروا عكس عقارب الساعة، حين اعتقدوا، في لحظة ما، أنهم أصبحوا أوصياء على الناس، يفرضون عليهم تخيلاتهم النابعة من أوهام سياسية للإمساك بخناق المجتمع.هؤلاء الذين لو استطاعوا أن يحجبوا الناس جميعاً، ويمنعوا الفرح حتى في البيوت، عملوا على سن قوانين زادت التخلف، وبثوا الفتنة والضغينة، والتفرقة حتى بين المسؤول ومرؤوسيه، وتناسوا أنهم يعيشون في بلد جُبل أهله منذ الأزل على الانفتاح والتسامح، وتبادل الرأي بكل أريحية والتعاضد والمبادرة الفردية التي جعلت الكويت في مرحلة ما رسالة التقدم والثقافة والفن للعالم العربي.خلال 32 عاماً، عمل هؤلاء كل جهدهم من أجل تخريب كل شيء، أو كما قال مواطن: “تم تدمير كل شيء جميل في الكويت، التعليم والاقتصاد والجنسية والفن، والمسرح والثقافة والرياضة، والجمعيات، والبيئة، والتركيبة السكانية، والشوارع والوزارات، كما أنهم خربوا القيم والأخلاق، حتى المزروعات والأشجار لم تسلم”.لقد مارسوا كل هذا التخريب باسم الدستور، والقانون، وهذا محض افتراء.في المقابل، كانت هناك حكومات تعمل وفق أوامرهم، إذ بدلاً من أن تسعى إلى التنمية، تعمّدت إفشال كل محاولة للتقدم، لأن سمتها الأساس كانت التردد، والخوف من عصا غليظة مرفوعة باسم الاستجواب، والإعدام السياسي، أو دفع رئيس مجلس الوزراء إلى الاستقالة، حتى قبل أن يتعرف على طاقم العمل في ديوانه.نقولها صريحة: لا يمكن إخفاء الشمس بغربال، فما جرى طوال العقود الماضية، أدى بالكويت إلى حال مزرية، ورغم ذلك كانت القيادة حكيمة وحليمة، لأنها راهنت على أن يكون من يفترض أنهم يمثلون الشعب يقدمون المصالح الوطنية العليا على أنانيتهم، لكنهم أبوا ذلك، واستمروا في غيهم، إلى حدّ بات حل مجلس الأمة مطلباً شعبياً، وقد نادى به الكثير من عقلاء البلاد، خصوصاً في الآونة الأخيرة.لا شك أن الطبيب يلجأ إلى العملية الجراحية عندما لا يستجيب المريض للعلاج بالأدوية، ولهذا، فقد أتت الإجراءات الأخيرة التي أعلنها صاحب السمو في وقتها المناسب، جراء عبثية وصلت إلى تصور النائب المنتخب أنه ظل الله على الأرض، وعلى الجميع طاعته، فيما لم يدرك أن الوكالة الشعبية الممنوحة له هي من أجل مهمة محددة، وبدلاً من ذلك تمادى النواب كثيراً، إلى درجة أن من انتخبوهم كفروا بهم.