أحمد الدواس : حل البرلمان قرار حكيم لإنقاذ الكويت
أثار حل مجلس الأمة الارتياح بين المواطنين، وسوف نستمتع بسنوات أربع تتفرغ فيها الحكومة لإصلاح الوضع الداخلي.إننا لا ننفعل في تحليلاتنا، بل نذكرالحقائق، فلقد تضررت البلاد من سلوك النواب وأفكارهم، فمن مساؤهم تهييج الشعب ضد حكومته وأسرته الحاكمة، وتأخر الكويت عن ركب التنمية.كما يجهلون المسائل الاقتصادية، فمثلا طالبوا، في وقت ما، بفرض رسم ألفي دينار لإقامة الوافد، ولا يعلمون ان الوافد الحرفي سيرفع تكلفة عمله، أو سلعته على المواطن للتعويض عن خسارة هذا المبلغ.كذلك تضخمت ثروات البعض منهم، وفي مايو 2024 احتجوا على اختبار النفط في مؤسسة البترول بعد فوز 39 مهندساً من أصل 890 في الامتحان، فقد أرادوا من المؤسسة ان تقر نجاح الكل، وعندما يندلع حريق في بئر نفطية، فكيف يتم استدعاء الفاشلين والجهلة لإطفائه، فنجاح 39 مهندسا أمر جيد لا بأس به؟بل شكلوا خطرا جسيما على البلد، فالنواب بين فترة وأخرى كانوا يشحنون نفوس المواطنين بكراهية الحكومة، كان همهم، في وقت ما، العفو عن رفاقهم الذين هربوا من البلاد، بعدما كادت الكويت تضيع بسببهم.وحتى يحصلوا على منصب رئيس مجلس وزراء شعبي أخذوا يهددون بالاستجوابات لزعزعة أركان هذا المنصب، الذي يتولاه شيخ موقر، حتى تضيق الدولة ذرعاً بذلك وتنظر، أو تقبل برئيس شعبي، وهنا تحدث الكارثة.ان تولى المنصب مواطن عادي يحابي رفاقه أو قبيلته، عندئذٍ سيتمزق المجتمع الكويتي بشدة، لأن قلوب الكويتيين ستكون مشحونة بلغة الكراهية ضد بعضهم بعضا، وتضيع حقوقهم، ولن يجد ابن المواطن وظيفة لأن ابن هذه القبيلة أو تلك قد ظفر بها، من خلال المحاباة القبلية.وسيزداد الظلم بين الكويتيين أكثر مما هو عليه حالياً، ومن يدري فقد تقول الجماعة أوالقبيلة التي ينتمي إليها الرئيس الشعبي: “ان الحكم لنا الآن”، وتدريجياً قد يقومون بانقلاب.إن تولى منصب رئيس مجلس الوزراء أحد أفراد الشعب، سوف يعم السخط والحنق على السلطة، فيقول الناس: “لمَ أُختير هذا رئيساً لحكومة شعبية، وليس ذاك الشخص”؟ وقد تحدث اضطرابات داخلية فيخرج من بيننا من يقول ان رئيس مجلس الوزراء الشعبي ظالم لا يستحق منصبه وله مساوىء، ومفاسد، ونطالب بمحاكمته.تبا لها من فكرة خطيرة كادت الكويت تضيع بسبب هؤلاء النواب ممن ينادي بتعيين رئيس مجلس وزراء شعبي، وبتعديلات دستورية، هؤلاء النواب أقرب الى عناصر الهدم لا الى البناء.تعثرت إصلاحات تنويع مصادر الدخل، وعاشت الكويت سنوات طويلة في أزمات متتالية بسبب الخلافات المستمرة بين الحكومات، التي يعينها الأمير، ونواب المجالس المنتخبة، فتعطلت الكثير من المشاريع التنموية التي تحتاجها البلاد، وتمادى بعض النواب، في مناقشاتهم، فلم يبدوا الاحترام الواجب للمقام السامي، واستخدموا عبارات ماسة غير منضبطة، لم يعتدها أهل الكويت المخلصون.وعندما تم تعيين الشيخ احمد العبدالله الصباح رئيسا لمجلس الوزراء، واجه مهمّة صعبة في إدارة العلاقة مع برلمان متحفز للصراع، فمنذ الساعات الأولى لتعيينه لم يتأخر بعض النواب في رفض اختياره لتولّي المنصب، وهددوا الحكومة بالاستجوابات النيابية قبل تشكيلها، وضغطوا على الشيخ احمد العبدالله بهدف التأثير على اختياره لأعضاء وزارته الجديدة، ما تسبب في تعطيل مسار الإصلاح المطلوب في الكويت.لقد عزف العديد من الشخصيات والكفاءات عن تولّي المناصب الوزارية لمعرفتهم المسبقة بصعوبة العمل في ظل وجود برلمان متحفّز للصراع بشكل مسبق، وجاء القرارالأميري الجريء والمفرح بحل هذا البرلمان الذي يقوم على التعطيل والعرقلة، وكخصم وليس كشريك في مهمة النهوض بواقع البلاد، وقال الأمير، حفظه الله، في كلمته السامية للمواطنين: “لن أسمح على الإطلاق بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة”.النواب تمسكوا بنموذج قديم للرفاهية يحصر دور الدولة في الإنفاق السخي، بدل تبني برامج جديدة وإصلاح حال البلد.