أحمد الجارالله : يا أهل الكويت… نحن أمام أمير خَبِر البلاد وعرف علتها
حين تمر أي دولة بضعف، ويعمها الفساد، تقع أحياناً في أزمات طويلة، ربما تصل إلى الجوع، كما حدث في مرحلة من المراحل في الصين، أو سنغافورة قبل عهد لي كوان يو، أو المانيا بسمارك، الذين عمدوا إلى نهضة بلادهم بشتى السبل، كي يعيدوا إليها قوتها.في التاريخ الكثير من الشخصيات التي آلت على نفسها أن تنهض ببلادها، لهذا أصبحت أمثولة، أكان محمد علي باشا في مصر، أو الملك عبدالعزيز بن سعود موحد المملكة العربية السعودية، أو السلطان قابوس صانع النهضة العُمانية، وغيرهم من الذين أنقذوا بلادهم، بعدما كان الفساد مستشرياً فيها إلى حد بات هو سمة الأساس.كل هذه الدول أنقذها رجل واحد، صاحب عزيمة ولديه رؤية، ويعرف أن العلاج المر ضرورة، مهما كانت المصاعب كبيرة.الكويت اليوم أمام مرحلة جديدة ومهمة، ولقد بدأت علاماتها واضحة، إذ بعد أن عاشت في فوضى سياسية، عندما سطا البعض على صلاحيات السلطة التنفيذية، باسم الدستور، وسن قوانين جوهرها الحفاظ على مصالحه، بل عُطلت تشريعات تنموية لأن أصحاب النفوذ رأوا فيها مساً بمصالحهم، وعمدوا الى منع حتى الرأي الحر المطالب بتعديل الدستور الذي شاخ وهرم، وبات أشبه بكسيح تقوده جماعات فرضت مصالحها على الجميع.لا شك أن تأليه الدستور، وجعله قرآنا، خلق نوعاً من الرعب لدى الجميع، حتى أن الحكام منذ 63 عاماً حاذروا الدعوة إلى تطويره، لأنهم ووجهوا بكثير من محاولات الشغب، فيما هو كان مصدر تخلف البلاد، لأنه منح صلاحيات تنفيذية لممثلي الشعب، بينما وظيفتهم التشريع والرقابة، وليس الحكم الذي يتولاه الأمير عبر السلطة التنفيذية، إلى حد أن أي قانون يرفضه الأمير يقر بعد شهر عنوة.هكذا حصل في العام 2003 حين أقر الأمير الراحل المغفور له الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، الحقوق السياسية للمرأة، لكن مجلس الأمة رفض القانون، واستمر الرفض حتى العام 2005، حين فرضته النساء على النواب جبراً، وغيرها… وغيرها.كل هذا جراء الهيمنة البرلمانية التي أضرت بالبلاد كثيراً، فيما الدستور واضح بجعله الأمير رئيس كل السلطات، لكن الضجيج الكبير الذي كان سائداً كان يحد من ممارسته صلاحياته على أكمل وجه وهذا ديدن الحكام المترددين.على هذا المنوال، في عهد المغفور له الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، عقدت اتفاقات مع الصين من أجل دخول الكويت مشروع “طريق الحرير” وتطوير الجزر، وغيرها من المشاريع العملاقة، لكن البرلمان عطلها، لأن أصحاب المصالح وجدوا أنها لا تخدمهم، وتمنع فسادهم، عبر ما كان يسمى الوكيل المحلي، الذي ألغي قبل أشهر، بضغط من القيادة التي رأت أنه مصدر من مصادر النهب الممنهج، للأسف، وفق القانون.لدى الكويت الكثير من المال المستثمر في الخارج، وهو يخضع لمخاطر عالية جدا، ولقد تكبدت الدولة الكثير من الخسائر في الأزمات الدولية الأخيرة، فيما البلاد تحتاج إلى كثير من الاستثمارات المحلية، وفي شتى المجالات، وبالتالي لا بد من ضخ الأموال فيها، أكان من المال العام أو القطاع الخاص، الذي كبلته في مرحلة ما المشاغبات البرلمانية، واحتكار أصحاب النفوذ لكل شيء في البلاد.ولأننا اليوم أمام حاكم عاش طوال العقود الماضية يراقب كل ما يجري في البلاد، ويتألم لما وصلت إليه الحال، آل على نفسه أن يبذل قصارى جهده في سبيل إعادتها إلى الريادة، وأن يعمل على النهضة، عبر استثمار كل جهد وطني في سبيل ذلك.لهذا، على المعنيين، في مجلس الوزراء، أن يكونوا عند حسن ظن أميرهم، ويبدأوا مرحلة البناء، وأن يحققوا ما وعد أمير الدولة وربانها الناس به، لأن الجميع في الكويت يريد أكل العنب وليس قتل الناطور.صاحب السمو الأمير قال للحكومة: “سأتابعكم، وسأحاسب المقصر منكم”، وهذا كلام رجل عيونه مفتوحة على كل من يخرج عن مسار حلمه، وخطته.