أحمد الجارالله: مثلث مشعلي حاد الزوايا يعيد للكويت مجدها
قال جيفارا: “إذا استطعت أن تقنع الذباب أن الزهور أفضل من القمامة حينها تستطيع أن تقنع الخونة أن الوطن أغلى من المال”، ولأن الذبابة تبقى ذبابة يظل الفاسد فاسداً، ولا يمكن القضاء على هذه الظاهرة إلا حين يتيسر للدولة، أي دولة، رجل مكين القرار، صلب العزيمة، يعمل من أجل وطنه وشعبه، ويوجعه الانحدار الذي استحكم ببلاده، جراء خيارات لعبت فيها المحاصصة، والواسطة، والعزوة القبلية والطائفية، وتقديم المصالح الشخصية على مستقبل الوطن.لقد مرت الكويت طوال العقود الثلاثة الماضية بالكثير من الأزمات التي تسبب بها سوء الاختيار لمسؤولين، كان كل همهم الفوز بحصة من المال العام، أو الجاه فقط حتى لو كان على خراب، لذا رأينا أعظم المفاسد، في التعيينات بالبراشوت، أو الواسطة، ولهذا كانت المؤسسات أشبه بمزارع لكثير من المسؤولين الذين لم يرحموا شعبهم ووطنهم، فيما منع أصحاب الخبرة الأمناء من الوصول إلى مناصب يمكنهم معها إصلاح الحال، والعمل بشرف وأمانة.لهذا كنا يومياً نسمع عن فضيحة هذا المسؤول أو ذاك، وكل هذا كان يجري علنا، فيما لا أحد يحرك ساكناً، حتى اشتهرت الكويت بالتقارير الدولية أنها من العشر الأوائل في الفساد، فالغش ساد كل قطاعاتها حتى التعليم، وهو أعظم مفسدة يمكنها هدم أكبر الدول، لأنه حين يتربى التلميذ منذ نعومة أظفاره على الغش، لن يكون أميناً على وظيفته، ولا يكون الطبيب باراً بقسمه، فيموت المريض، ولا يحاسب القاتل على فعلته.هنا نعود إلى قصة سور الصين العظيم، ربما نستفيد من العبرة، إذ بُني على أمل ألا تغزو الأقوام الأخرى البلاد، واعتقد الصينيون أن لا أحد يستطيع تسلقه لعلوه الكبير، وتحصينه، لكن خلال المئة سنة الأولى بعد بنائه تعرضت البلاد للغزو ثلاث مرات، وفي كل منها لم يكن العدو بحاجة إلى اختراق السور أو تسلقه، بل يدفع للحارس رشوة ويدخل عبر البوابات، لذا أخذ هذا المثال على بناء الإنسان قبل الأسوار، وهو ما حصل لدينا.فيما في الدول التي استفادت من عبر الماضي كان أول أمر هو الاهتمام بالتعليم، فأنفقت عليه الكثير، إذ راتب المعلم فيها أكبر من راتب أي مسؤول، لأنه هو من يبني الأجيال، ويدربهم على المسؤولية والأمانة الوطنية.هنا نتذكر قصة نبي الله موسى (عليه السلام) عندما هرب من الفراعنة ووصل إلى أرض مدين وساعد ابنتي الشيخ العجوز، وحين عرف بأمانته، قالت إحداهن لوالدها: “يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ”، فالأمانة مصدر من مصادر القوة.لهذا حين جاء إلى حكم الكويت رجل حكيم، حازم في قراره بدأت البلاد تنهض من كبوتها، وكانت المحاسبة على الجميع، الكبير قبل الصغير، لذا هاهي تتنعم بعهد مشعل الإصلاح، الذي يريد أن يسابق الزمن، وعلى الصعد كافة، من أجل خلاصها من أمراض عانتها طوال ثلاثين سنة، وكذلك أن يعيدها إلى ريادتها، ولقد اختار سموه الأقوياء الأمناء، أكان في ولاية العهد، أو في رئاسة مجلس الوزراء أو في الوزارات حتى تكون الكويت في عهده شعلة نشاط ومشاريع إنتاجية.إنه مثلث حاد الزوايا يعمل على إغراق كل الفاسدين في عتمة السجون، ويكرس سيادة القانون، من هنا علينا أن نفرح بهذه الاختيارات التي تعبر عن حنكة وحكمة، وتجسد حقيقة أننا أصبحنا في عهد مشعل الحكمة والإصلاح.