حسن علي كرم : وزير داخلية العراق ماذا حمل عراقياً وكويتياً؟
الزيارة المفاجئة، والخاطفة التي قام بها الى البلاد وزير داخلية العراق السيد عبدالامير الشمري، انا شخصياً شعرت بالراحة والاطمئنان الى ان العلاقة بين البلدين الجارين، رغم كل المخاوف والهواجس الكويتية، الا انها تبقى في نطاقها الطبيعي.
نحن لا ندري ماذا دار بين الجانبين الكويتي والعراقي خلف الابواب المغلقة، فقضية تهريب المخدرات ليست المسألة المفصلية بالنسبة للكويت او انها المسألة الاهم، وان كانت مهمة لا ريب، فهناك قضايا الحدود والحقول النفطية المشتركة، وهناك التسلل، وهناك مسائل ليست في الحسبان لكنها كويتياً تبقى مهمة.
الكويت لم تترك مناسبة سياسية الا ودعت العراق الى ترسيم ما تبقى من الحدود البحرية، فالقضية ليست حدودا او علامات حدودية، لكنها انتهاك يومي للثروة البحرية، خصوصا السمكية، فالصيادون العراقيون يعرضون في اسواقهم اسماك “الزبيدي” و”الميد”، ويزعمون انها من المياه العراقية، فيما العراقيون لم يتعودوا على “الزبيدي”، وهي ثروة مائية كويتية.
عندما جاء الغازي المجرم صدام حسين متخفياً الى الكويت، وقف عند جندي عراقي على ساحل البحر، وكان بيده خيط لصيد الاسماك الساحلية، وسأل صدام الجندي: تصيد زبيدي، فاضحت نكتة بين الكويتيين، لان “الزبيدي، لا ينصاد بالخيط، ثانياً لا يعيش على السواحل القريبة، لكن لان “السيد الرئيس المهيب” حمار وجاهل في امور الصيد والبيئة البحرية الكويتية، والجندي احمر منه فكانت النكتة مستحقة.
المهم نحن رغم تفاؤلنا بالنظام العراقي الجديد، والسيد رئيس الوزراء الحالي، لكن يبقى تفاؤلنا يشوبه القلق من نوايا الجار، فالغاء خط الحدود البحري في خور عبدالله والزبير بقرار مفاجئ من المحكمة الاتحادية العراقية، لا شك اعاد الخلافات الحدودية الى نقطة الصفر، ويبدو ان العراقيين ارتاحوا لقرار المحكمة الاتحادية، فهم لا يبدو انهم بصدد معالجة قرار التصويت في البرلمان، باعتبار قرار المحكمة كسباً واعادة حقوق، وهو امر ما لا يمكن ان يكون كذلك، اذ لا تزال قرارت مجلس الامن المتعلقة بالغزو الغاشم قائمة، وهي لا تتقادم حتى تلغى، والعراقيون لن يكسبوا ارضاً ولا قطرة ماء، ولا حقل نفط، فالموازين لا تأتي باستعراض العضلات، ولا بالفهلوة، فحدودنا يجب الا نتنازل عنها، ولو شبراً واحداً، فمن يتنازل عن شبر يسهل عليه التنازل عن مساحات اكبر واكبر.
لعل الحديث عن استهداف الكويت من الجيران، لا ينبغي لقادتنا ان يتركوه للزمن، فلقد ثبت ان الزمن ليس كفيلاً بحل المعضلات المعقدة، بل ربما كفيل بنزول مصائب، الم يكن الغزو من صنع ايدينا لاننا تساهلنا ووثقنا بجار لئيم، يضمر في قلبه خلاف ما على لسانه؟
قضايانا مع الجار العراق ليست بالمخدرات، ولكن بالحدود والابار النفطية والتبادل التجاري، والزيارات بين بالشعبين، بلا خوف او توجس
للكويت والعراق تاريخ مشترك، وكون الغزو قد فطر قلب الكويتيين، لكن متى ما عادت النوايا الحسنة عادت الجيرة الطيبة.
*السياسه