أحمد الدواس :”السياسة” مهمة في حياتك
يتابع أكثر الناس مقاطع التواصل الاجتماعي على الانترنت، ويهتمون بالأكل والضحك، ولا يهتمون للأخبار والأحداث، التي فيها مصيرهم ومعيشتهم، ومصير دولتهم، وإن سألت أحدهم قال لك: لا أحب السياسة.
معنى كلمة “سياسة” المتداولة تعني باختصار شديد “أحوال البلد وعلاقاته مع الدول الأخرى”، لنضرب أمثلة على ذلك.
فالـ”حوثيون” في اليمن، جماعة متمردة، تشجعت خلال ما يُسمى “الربيع العربي”، وأطاحت الحكومة الشرعية، لأن هذه الجماعة كانت تعيش شمال اليمن، وشعرت أنها مهمشة لاتهتم بأحوالها الحكومة في صنعاء، وقد كتبنا مقالة عن ذلك، فتدهورت أحوال اليمن، وتشجعت ايران فساعدت الـ”حوثيين” بالسلاح، أما كان أجدر بهذه الجماعة أن تتفاوض مع الحكومة بالحسنى وتمنع إراقة الدماء؟
الـ”حوثيون” أضروا ببلدهم، بل أضروا بمصر، أي تضرر الشعب المصري من أفعالهم، لأنهم هاجموا السفن في البحر الأحمر فتعطل عبورها في قناة السويس، وخسرت مصر عوائد مالية هائلة، وارتفع التأمين على السلع، فارتفعت الأسعار، وتضرر الناس هنا وهناك.
بالأمس ضربت طائرة “درون حوثية” إسرائيل، فردت عليها بقصف خزانات النفط في ميناء الحديدة، وما تزال النار مشتعلة فيها وخسائر اليمن هائلة.
وهكذا فان الوضع الداخلي في هذا البلد أضر بشعب ذاك البلد، أو بشعوب البلدان الأخرى، وكان الأحرى بالناس متابعة الأحداث لأن فيها مصيرهم، ومستقبل أولادهم.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أشعل حرباً بغزوه شرق أوكرانيا، فقد كان الأوكرانيون يعيشون بسلام وأمان، لكن تفكير بوتين، أخذ يشكك بحلف الـ”ناتو”، وان هذا الحلف يقترب من حدود روسيا الغربية، فشن حربا ضد أوكرانيا ليمنع تقدم دول الحلف تجاه روسيا.
فكرة غير مناسبة، كان من نتائجها خسائر وهلاك من الطرفين، وتفكيره ذاك جعل دولاً أوروبية أخرى تنضم للحلف، الذي أصبح قويا أكثر من ذي قبل، وما زال الأوكرانيون والروس يعانون من تلك الحرب.
تايوان، جزيرة مستقرة متقدمة اقتصاديا، لكن الصين مافتئت تهدد شعبها من حين لآخر بغزو الجزيرة وضمها الى الصين، لذلك لا يشعر سكانها بالأمان
يعاني الشعب الإيراني في أحواله المعيشية بسبب إنفاق طهران الهائل على تدخلها بسورية واليمن وتمويل “حزب الله” و”حماس”، والعقوبات الغربية عليها.
بينما كان من الأفضل لإيران ان تفتح صفحة جديدة في العلاقات مع البلدان العربية وغيرها، وتُشجع الاستثمارات الخليجية، والأوروبية، والأميركية لتطوير قطاعات السياحة والزراعة والصناعة، ما يفتح أبواب العمل لملايين الإيرانيين، فيرتفع مستوى معيشتهم، وأن تجعل المنطقة العربية أسواقا لتصريف صناعاتها، فالقوة اليوم ليست عسكرية، إنما اقتصادية، والدليل على ذلك تقدم كوريا الجنوبية وتخلف كوريا الشمالية، الأمر الذي يجعل ايران تتطور، وقد تنافس دولاً أوروبية في مجال السياحة، وجذب الأموال، وتصبح سنغافورة الخليج.
لعل أبرز مثال على علاقة الشعب بالدول الأخرى، هي حال الشعوب في دول غرب أفريقيا، فقد تدهورت أحوالها الداخلية بسبب الجفاف، والفقر، وانعدام الأمن، وتواجد الجماعات الإسلامية الإرهابية، ما جعل كثيراً من الأفارقة يرحلون الى الشمال، الى المغرب وتونس وليبيا، ومن ليبيا، مثلا، يدفعون المال لأشخاص يعملون بالتهريب لنقلهم عبر قوارب باتجاه سواحل أوروبا للبحث عن حياة أفضل، وفي البحر يحدث ان ينقلب القارب ويموت الكثيرون.
كذلك قد يتأثر اقتصاد بلد بالعالم، فإذا انخفضت أسعار النفط أو الكاكاو، تأثر وضع الحكومة والشعب في البلد المنتج للنفط أو المحصول الزراعي، نكتفي لضيق البراح.
ويقول لك: ما أحب السياسة، يعني متابعة الأكلات عنده على برامج التواصل الاجتماعي أهم من أوضاعه المعيشية واستقرار أمن بلاده؟
*السياسه