محمد يوسف : «القرود زعلانة»
«نسينا القرود والقرود ما نستنا».
تكبرنا عليها، رغم أن «داروين» قال وكرر ونبه بأنها أصلنا، أصل البشرية، في محاولة منه لتغيير سلوكنا في التعامل معها، فتجاهلنا قصده، وتجادلنا في محتوى كلامه، فهي بالنسبة لنا ليست أصلاً، ولا علاقة بها ببني آدم، لا من قريب ولا من بعيد، هي كائن، ونحن كائن آخر، وإن كانت لها تصرفات تشابه تصرفات الإنسان، ولو أخذنا بهذه النظرية الداروينية سنجد أن الببغاء التي تتكلم من أقربائنا!
دللنا أصنافاً من الحيوانات، ودجنّا أصنافاً أخرى، وروضنا حتى الوحوش والضواري، ولكن القرد المسكين اكتفينا برؤيته في حديقة الحيوانات واستعراضات المهرجين، وكان ولايزال «الشتيمة» الأسهل والأسرع والأكثر تأثيراً، عندما نريد أن نصف من لا نحب، كلمة «قرد» الفصيحة والعامية نقولها احتقاراً لأي شخص، ونضحك ونسخر، ونحط من كرامة هذا «الحيوان المسلي»، ولا نفكر في مشاعره!
في هوليوود أنتجوا أفلاماً كان أبطالها من القرود، أو لنقل كانت القرود محور قصصها وأحداثها، من «كينغ كونغ» ونهايته المأساوية برصاص طائرة وهو في قمة مبنى «إمباير ستيت» بنيويورك، أو «شيتا» في المسلسل المصور في أدغال أفريقيا أيام «الأسود والأبيض»، ومع التطور التكنولوجي كان هناك مجموعة كبيرة من الأفلام، وكان القرد بطلها، وآخرها تحدث عن «غزو» الأرض بقيادة «قرود المختبرات العلمية».
القرود «زعلانة»، في 20 و21 ضربنا وباء قلب حياتنا رأساً على عقب، حبسنا في بيوتنا، فرّق بيننا وبين أهلنا، وأخذ في طريقه أعزاء علينا، وقيل إن فيروس «كوفيد 19»، كان مصدره مختبر خفافيش، ثم وجه الاتهام الرسمي نحو القرود باعتبارها شريكاً، واتهمت من قبل بنشر الإيدز، ولأنها لا تتكلم، ولا تملك القدرة على الدفاع عن نفسها، سكتت بعد أن بيتت النية، وها هي تنتقم باسمها وبصفتها، ولا تكترث، وقد زفت منظمة الصحة العالمية قبل أيام خبر تصنيف «جدري القرود» حالة طوارئ صحية عالمية، بعد أن تفشى وانتقل من بلد أفريقي إلى عدة بلدان، ما يستدعي المواجهة، مواجهة الجدري وليس القرود!