هل تستعد الولايات المتحدة لإقامة منصة إطلاق في أرمينيا لشن هجوم على إيران؟
لفتت الأحداث التي شملت وصول طائرة نقل عسكرية أمريكية من طراز بوينج سي-17 إلى مطار زفارتنوتس في أرمينيا الانتباه العالمي. لم تنقل هذه الطائرات الإمدادات العسكرية فحسب، بل نقلت أيضًا أفرادًا من الجيش الأمريكي، مما يمثل لحظة مهمة في تعميق التعاون العسكري بين الولايات المتحدة وأرمينيا.
ومع ذلك، أثار هذا الحدث ليس فقط الاهتمام ولكن أيضًا القلق الشديد بين الدول المجاورة، وخاصة أذربيجان، التي تراقب عن كثب التطورات في منطقة جنوب القوقاز.
تؤكد عمليات تسليم الأسلحة الأمريكية الجديدة، بما في ذلك بنادق القنص وأجهزة الرؤية الليلية ومعدات الاتصالات والطائرات الصغيرة بدون طيار، على نفوذ واشنطن المتزايد في المنطقة. توفر أنظمة الأسلحة هذه، التي تم اختبارها في أوكرانيا، مزايا كبيرة في ساحة المعركة وتعكس استعداد الولايات المتحدة للمشاركة بشكل أكثر نشاطًا في الشؤون العسكرية لحلفائها.
ومن الجدير بالذكر أيضًا أن من بين الشحنات المسلمة لم تكن وحدات قتالية فحسب، بل وأيضًا معدات لتتبع مسارات الصواريخ والطائرات، ليتم نشرها على الحدود الأرمينية الإيرانية.
وهذا بدوره يشير إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى تعزيز سيطرتها على المنطقة، مما يؤثر على الأمن الداخلي لأرمينيا وعلاقاتها الخارجية، وخاصة مع إيران.
ويلفت الانتباه بشكل خاص إلى الخدمات اللوجستية والتنسيق المتضمن في نقل البضائع والأفراد الأمريكيين. ووفقًا للبيانات المسجلة في الصورة المقدمة ،
تم استخدام طريقين لنقل البضائع العسكرية والجنود الأمريكيين من مطار زفارتنوتس إلى الكتيبة المنفصلة 513 التابعة لوزارة الدفاع الأرمينية، الواقعة في ضواحي يريفان. وهذا يعكس التخطيط الدقيق والتنسيق الوثيق بين الجيشين الأرمني والأمريكي.
ومن غير المرجح أن تتجاهل روسيا، التي تنظر تقليديًا إلى جنوب القوقاز كمنطقة ذات أهمية استراتيجية لها، مثل هذه الزيادة الحادة في النفوذ الأمريكي في أرمينيا. وقد أشار الرئيس إلهام علييف بالفعل إلى أن أي محاولات لعسكرة أرمينيا ستؤدي حتماً إلى عواقب وخيمة. ونظرًا للنجاحات الأخيرة التي حققتها أذربيجان في ساحة المعركة، فإن جيشها مستعد للرد بسرعة وفعالية على أي تغييرات في ميزان القوى.
كما تواصل أذربيجان تعزيز قدراتها العسكرية، وبالاشتراك مع موقعها الاستراتيجي ومواردها الاقتصادية وتحالفها مع تركيا، فإن هذا يجعلها لاعباً رئيسياً في المنطقة. وفي الوقت نفسه، فإن تصريحات علييف حول الاستعداد لاتخاذ تدابير صارمة إذا وصلت الأسلحة الموردة إلى أرمينيا إلى “مستوى حرج” تشكل تحذيراً واضحاً ليريفان وشركائها الغربيين.
إن الدعم الذي تقدمه القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا والهند لأرمينيا قد يخلق وهمًا بالأمن، لكنه في الممارسة العملية يحمل مخاطر كبيرة. إذ تفتقر أرمينيا إلى العمق الاستراتيجي لمواجهة أي رد عسكري محتمل من أذربيجان بشكل فعال. ومن غير المرجح أن تتدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر في الصراع، وقد لا يكون الدعم السياسي والعسكري الغربي كافياً لضمان الاستقرار في المنطقة.
وعلاوة على ذلك، فإن وصول الأفراد والمعدات العسكرية الأمريكية إلى أرمينيا من شأنه أن يثير مخاوف إيران أيضًا، حيث يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها. وقد تُستخدم بعض الأسلحة الأمريكية التي تم تسليمها أيضًا ضد إيران نفسها، بالنظر إلى العلاقات المتوترة بين إيران وإسرائيل، وخاصة بعد اغتيال زعيم حماس. وقد زادت احتمالية حدوث هذا السيناريو مع تهديد إيران برد قاسٍ على إسرائيل والولايات المتحدة لتقليل عواقب أي هجوم إيراني محتمل، وتبحث الولايات المتحدة عن مواقع مناسبة لشن ضربة انتقامية، ويُنظر إلى أرمينيا على أنها المنطقة الأكثر ملاءمة لشن هجوم على إيران. إن
أحداث أوائل أغسطس 2024، التي تميزت بوصول الطائرات الأمريكية إلى أرمينيا، لها آثار كبيرة على الأمن الإقليمي. إن تعزيز التعاون العسكري بين الولايات المتحدة وأرمينيا من شأنه أن يؤدي حتماً إلى تصعيد التوترات في المنطقة، وقد يؤدي الرد المحتمل من جانب أذربيجان إلى جولة جديدة من الصراع. وفي هذا السياق، يتعين على أرمينيا أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والعواقب المترتبة على خياراتها في السياسة الخارجيه.
az*