رأي في الحدث

أحمد الجارالله : الملك عبدالعزيز: “أنا إذا قلت فعلت”

حين بدأ الملك عبدالعزيز بن سعود مشروع توحيد السعودية، كان إيمانه عظيماً بجعل شبه الجزيرة العربية قوة فاعلة في العالم العربي، ولها حضورها المرموق عالمياً.

وعندما اكتملت عملية التوحيد في العام 1932، لم ينسَ تضحيات أبناء وطنه، لهذا قال عبارته الشهيرة: “سأجعل منكم شعباً عظيماً، وستستمتعون برفاهية هي أكبر كثيراً من تلك التي عرفها أجدادكم”، وقد بذل الجهد من أجل تحقيق ذلك، ودلت الأحداث فيما بعد على حقيقة ذلك.

لقد سار قادة المملكة على النهج الذي سنّه الملك المؤسس، بدءاً من قوله: “أنا وأسرتي جندٌ من جنود الله نسعى إلى خير المسلمين”، ولكي يثبت القول بالفعل، أضاف: “أنا لست من رجال القول الذين يرمون اللفظ بغير حساب، أنا رجل أعمل إذا قلت فعلت”.

وعلى هذا المسار، حدّد القاعدة الثالثة في رؤيته للتعامل مع أبناء شعبه، وهي قوله: “أبوابنا مُشرعة لكل الأشخاص ممن يروا بنا أي انتقاد أو عيب، فنحن لا نقول لهم سوى رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي، إذ إنني أود أن يكون اتصالي بشعبي وثيقاً دائماً لأن هذا أدعى لتنفيذ رغباته”.

هذه الدولة الكبيرة لم تحد عن المسار الستراتيجي الذي وضعه المؤسس، رحمه الله، وهي أيضا لم تقف عند مشارف الماضي تجتر الأمجاد، بل سارت في طريق التحديث، وكانت لكل مرحلة إيجابياتها وسلبياتها.

فالدول تمر أحياناً ببعض الضعف، لكن كما يقال في السياسة إن الأمم ييسر لها الله كل مئة عام من يجددها، ويعمل على تعزيز قدراتها، ويطورها، فيما يستند بذلك إلى إرث وقاعدة قوية هي ثقة شعبه بأن كل هذا من أجل المزيد من الاستقرار والرفاهية.

هذا القائد يسمى في علم إدارة الدولة، رجل النهضة الثانية، والمؤسس الجديد، كي تستمر بلاده في تصاعد قوتها، لكنها تضعف مرة أخرى، فيأتي من يجددها مرة ثانية، ويبعث فيها الدماء الجديدة من شبابها الذين يعملون على إعادة ترميم المؤسسات، وسدّ الثغرات، ومعالجة نقاط الضعف.

هذا الأمر ينطبق على كل الدول، ومنها المملكة العربية السعودية، التي جدّدت شبابها منذ تسع سنوات، حين تسلم خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، المؤمن بشعبه وقدرته على تحقيق الإنجازات بكل سرعة، لكن من دون تسرع الحكم.

ولهذا، حين نطالع تلك التجربة، نجد السعودية تسير على النهج الذي أرساه الملك المؤسس، فهي تقوم على النهضة الحديثة بوحي ذلك، ولهذا حين قال الملك سلمان بن عبدالعزيز: “من نعم الله على هذه البلاد وأهلها، أن الثروة موجودة لخدمتها”.

أضاف: “كلمة أكررها دائماً، رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي، إذا رأيتم أو رأى إخواني المواطنين، وهم يسمعونني الآن، أي شيء فيه مصلحة لدينكم قبل كل شيء ولبلادكم، بلاد الحرمين الشريفين، الذين نحن كلنا خدامٌ لها، فأهلاً وسهلاً بكم، وأكرر أبوابنا مفتوحة وهواتفنا مفتوحة وآذاننا صاغية لكل مواطن”.

على هذا، تستمر المملكة في التطور والنهضة، مع وجود أمير شاب، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، المدرك أن ما بناه الآباء والأجداد هو لمصلحة بلاده، المؤمن بأهلها وقدرتهم على التغلب على الصعاب، ولذلك قال في إحدى المناسبات: “أعيش بين شعب عظيم، وهمّة السعوديين كجبل طويق”، (بالمناسبة طويق جبل أشمّ في نواحي الرياض).

نعم، لقد صدق في هذا، فما تشهده المملكة اليوم من نهضة على كل المستويات لا يمكن أن يحققه إلا شعب عظيم، وقيادة حكيمة، ولهذا حين نقول إننا نعيش في زمن التجديد، والتأسيس الثاني للسعودية، فإننا لا نبالغ في ذلك.

فها هي بيارقها ترتفع من جديد، ومشاعل النور تنير كل جنباتها، وأصبحت حديث العالم، كما أن قيادتها باتت مثالاً يحتذى بالتصميم على النجاح وكفّ يد الفاسدين، والتنمية الصحيحة التي تخدم مستقبلها، أكان في الصناعة والاقتصاد عموماً، أو التحديث الاجتماعي، ولها مراسيها وقوتها المشهودة في كل المحافل الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى