أحمد الدواس : هل تندلع حرب بين إسرائيل وإيران؟
في سنة 1982، لم يكن لإيران أي نفوذ، فطلبت من سفيرها في دمشق علي أكبر محتشمي بور، وكان رجل دين متطرفاً، أن يساعدها في فتح فرع لها في لبنان لما يُسمى “حزب الله” الإيراني بهدف”إقامة جمهورية إسلامية في لبنان”.
تم ذلك، فتدفق على لبنان مئات من رجال الدين الإيرانيين والمثقفين السياسيين، وعاش في لبنان آلاف الإيرانيين المحسوبين على النظام الإيراني.
استغلت طهران الحزب، فورطت لبنان في حربٍ ضد إسرائيل، ففي صيف 2006 تحرش الحزب بها فوجهت له ضربات عسكرية دمرت الاقتصاد اللبناني، وألحقت به خسائر، بشرية ومادية، تُقدر بمليارات الدولارات، فقال زعيم الحزب حسن نصر الله: “لوكنا نعلم بتلك الخسائر ماجازفنا بالحرب”.
تلقى الحزب الدعم الإيراني، وأصبح ميليشيا مسلحة هددت وضع الدولة، وصار دولة داخل الدولة، وبوقاً لإيران، واستطاع مؤيدوه دخول البرلمان كنواب، فأخذ يعطل التشكيل الوزاري في بعض الحكومات، وساهم في تأخير اختيار رئيس الجمهورية، لدرجة ان لبنان عاش من دون رئيس نحو سنتين.
وتدهور الوضع في بيروت، فأصبح المواطن لا يأمن على حياته من تفجير هنا أو هناك، وبات القرار اللبناني مخطوفاً من هيمنة الحزب ومصادرته لإرادة الدولة.
وفي يوم 7 أكتوبر 2023، أي قبل سنة، شنت حركة “حماس” فجأة هجوماً على جنوب إسرائيل فأسقطت ضحايا وأسرت رهائن، فأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الحرب على “حماس” وتدمير قطاع غزة، فمات أكثر من 41 ألفاً من سكانه وجرح الآلاف، ولما تدخل “حزب الله” بهجوم من لبنان، تفرغت إسرائيل إلى قادة الحزب، وقتلت بعضهم، وألقت متفجرات في ضاحية بيروت الجنوبية حيث يحتفظ الحزب بأسلحة تحت المباني، وأسقطت متفجرات اخترقت المباني إلى مسافة 65 قدماً تحت الأرض، فقتلت الزعيم حسن نصرالله.
تدخلت إيران فأطلقت نحو 180 صاروخاً تجاه إسرائيل، فتوعد نتنياهو بالانتقام منها، ومازالت إسرائيل تقصف مواقع عناصر الحزب في بيروت، حتى كتابة هذه السطور.
حالياً يجرى الحديث عن احتمال توجيه اسرائيل ضربة عسكرية لإيران، إما لمنشآتها النفطية أو النووية، وتحدث الرئيس الأميركي السابق ترامب فقال: “ينبغي ضرب الأسلحة النووية أولاً، ثم القلق بشأن الباقي لاحقاً”، بينما الرئيس الحالي بايدن ضد استهداف المنشآت النووية الإيرانية. من حقنا أن نبدي رأينا، فقد كنت أظن ان ترامب يصلح للرئاسة مرة ثانية، لكن تصريحه آنف الذكر يدل على انه لا يفقه في السياسة، كلا يا سيد ترامب ما هكذا تكون السياسة، رئيس الدولة لا ينفعل، بل يفكر بعمق، ويرى محللون عسكريون أميركيون أن هناك مخاطر منخفضة، ومتوسطة وعالية، فالمخاطر المنخفضة هي ضرب الأهداف العسكرية التقليدية، مثل مواقع الرادار والدفاع الجوي، ومنشآت إطلاق الصواريخ، وقواعد الحرس الثوري الإيراني، والبنية التحتية، والمخاطر المتوسطة هي الهجوم على مصافي النفط، أما العالية فهي استهداف المنشآت النووية، فهل تشن إسرائيل هجوماً على إيران؟
ليت طهران تفقه لما نقول فهو عين الحكمة، فقبل خمس سنوات صاح الإيرانيون ضد الحكومة والمؤسسة الدينية “لا لغزة،لا للبنان، الموت لفلسطين”.
لقد أهملت حكومتهم حال المواطن، ما جعل الكثير من الإيرانيين يحنون إلى عهد الشاه، كان الأفضل لإيران أن تفتح صفحة جديدة في العلاقات مع البلدان العربية، وتُشجع الاستثمارات الخليجية والأوروبية والأميركية، لتطوير قطاعات السياحة والزراعة والصناعة، الأمر الذي يفتح أبواب العمل لملايين الإيرانيين، فيرتفع مستوى معيشتهم، وتتطور إيران بشكل كبير، وقد تنافس دولاً أوروبية في مجال السياحة وجذب الأموال.
أي أن تهتم بشأنها الداخلي، لكنها أضاعت فرصاً كثيرة، أساءت لشعبها وتدخلت في الشؤون العربية فتدهور وضعها الداخلي.
*السياسه