رأي في الحدث

عبدالرحمن جعفر الكناني : وداعا “ولاية الفقيه”

لن نستعيد حياة فقدناها طالما بقيت إيران مالكة لأدوات العبث بالشرق الأوسط تحركها متى تشاء في غياب رادع عربي أو دولي حقيقي.

وجدت “ولاية الفقيه” أمامها مساحات مفتوحة في دول عربية كبرى تأريخا وجغرافيا وثروات، عززت فيها مواقع نفوذها دون عائق، بسطتها لها قوى دولية أرادت الاستثمار في عبثها، وبلوغ ما تسعى لبلوغه بأدوات مستعارة دون عناء، والإبقاء على منزلتها كراع للأمن العالمي.

“ولاية الفقيه” لم تمتلك مستلزمات قوة عظمى تؤهلها لانتزاع مناطق نفوذ في مواقع استراتيجية وتفرض نفسها قوة إقليمية في الشرق الأوسط لولا فتح أبواب سرية تتيح لها التسلل دون أن يشاغلها أحد، ولن ينتزع أحد ما استحوذت عليه حفاظا على أداء دورها المرسوم.

استراتيجية خفية خبيثة أشعلت أزمات العالم وصنعت لها أدواتها الأكثر خبثا، وأدارتها بآليات صراع طائفي غير قابل للاحتواء، تتصاعد شرارته أحيانا ويخفت أحيانا أخرى حسب متطلبات مشهد قائم.

صنعت تلك الاستراتيجية “ولاية الفقيه” خصيصا لمنطقة الشرق الأوسط أداة لإثارة الصراع في العالم العربي المبتلى بفواجع تخطت قدرته على احتوائها، أداة ألبستها عمامة دينية وأعلنت لها الطريق نحو تحرير القدس بغية السيطرة على العقل العربي والتلاعب بعواطفه وتمزيق وجوده دون ان يدري.

استراتيجية أميركية استبدلت حليفها التقليدي بـ “ولاية الفقيه” حليف يتظاهر بالعداء لها، ويعزز مواقعها بالخفاء، جاءت به على حين غفلة من الزمن، وزرعته قنبلة موقوتة فجرت العالم العربي وزعزعت قواعد أمنه القومي في مواجهة عدو إسرائيلي يحتل أراض عربية لا يرتدي قناعا، وعدو منافق يتخفى بعمامة دينية يحتل دولا عربية عجزت إسرائيل عن احتلالها وانتزع كامل سيادتها أمام صمت دولي.

لو كانت “ولاية الفقيه” تشكل خطرا على أمن إسرائيل ومصالح الولايات المتحدة كما نرى في الخطاب السياسي أو ما نسمعه في وسائل الإعلام لما سمح لها بتوسيع مناطق نفوذها في العراق ولبنان وسوريا واليمن، وعدم السماح لمن يواجهها ويسعى لإضعافها.

حروب غير متكافئة تحركها “ولاية الفقيه” في غزة والضفة الغربية ولبنان والعراق وسوريا واليمن، لا تكلفها شئاء، لا تدفع هي ثمنها، حروب مدمرة تشتعل في أراض عربية، ضحاياها عرب، تمهد الطريق لإسرائيل في تنفيذ مخططها الاستراتيجي في بناء شرق أوسط جديد.

دمرت غزة وأضحت أرضا غير قابلة للحياة، ويبحث شعبها عن مأوى، أرادت “ولاية الفقيه” من وراء تدميرها أن تتفاوض معها أميركا لجني مكاسب تحلم بها.

دمر جنوب لبنان وشرد شعبه وانهار اقتصاد لبنان كله، كما دمرت سوريا وقطعت أواصر تواصلها التقليدي مع بيروت، وانكشفت صنعاء وأغلقت بوجهها طرق الإمداد، وقيد العراق بسلاسل الخوف من انجرار ميليشيات طائفية في حرب خاسرة قد يدفع رأس النظام ثمنها، و”ولاية الفقيه” لن تجني مكاسب أغرت النفس بها، طالما قرر من جاء بها وبسط لها الأرض على قدر من الاتساع بدء العد التنازلي لإنهاء دورها الإقليمي قبل الإعلان عن شرق أوسط جديد بلا “ولي” ولا “أذرع” كانت تثير الفوضى بأمره.

*middle-east

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى