م. عادل الجارالله الخرافي : الشرع في السعودية… صواب البوصلة العربية
للزيارات السياسية الخارجية دلالات، لا يمكن للمراقب القفز عنها، لهذا فإن زيارة رئيس الجمهورية العربية السورية احمد الشرع الى المملكة العربية السعودية لها معنى مهم جداً، اذ ان رئيس الفترة الانتقالية قد حدد بذلك وجهة السياسة الخارجية لبلاده، لان الرياض موئل القرار العربي، شاء من شاء وابى من ابى.من هذا المنطلق يمكن القول ان سورية الجديدة مختلفة تماما عما تركته مرحلة نصف قرن من حكم حزب “البعث”، وفيها تغيرت روحية القرار السوري، خصوصا التحالف مع قوى تحيك المؤامرات ضد الدول العربية، خصوصا الخليجية منها.لذا شعرنا بالارتياح لهذه الخطوة، لانها تصب في توطيد التضامن العربي من جهة، ومن اخرى تؤكد ان الرؤية الخليجية، بما تمثل فيها الرياض من توجهات، كانت على صواب طوال 14 سنة من الحرب الاهلية التي شهدتها سورية، وما ادت اليه من ويلات كان الشعب السوري بغنى عنها، اذا كانت القيادة السابقة قد اخذت بعين الاعتبار مصالحه وعدم العبث بمصيره، وعملت على التخلص من القمع، وليس كما فعلت حين عمقت الانقسام بين المكونات السورية.صحيح ان المهمة كبيرة، وشائكة في الوقت نفسه، امام النظام الجديد، الذي لا يزال يتلمس طريقه في حقول ألغام تركتها الحرب الاهلية، والثارات التي تسبب بها النظام السابق، لهذا صحيح ما قاله الرئيس احمد الشرع في حديثه الى مجلة “ذي إيكونوميست” عن انه لا يمكن لسورية ان تنهض وتعيد الاعمار الا من خلال الدعم العربي اولا، وثانيا رفع العقوبات الدولية عنها.لذا يستنتج من خلال البيان الذي اصدرته الرئاسة السورية، وكذلك بيان الممكلة العربية السعودية، ان اهم نقطة بحثت هي المساعدة السعودية دوليا، وتحديدا مع الولايات المتحدة الاميركية، من اجل رفع العقوبات عن سورية وبسرعة، لان عدم اعادة الاعمار تعني المزيد من الفوضى، وهذا ما تريده لا سورية الجديدة، ولا الدول العربية، خصوصا الخليجية منها الساعية الى ترسيخ الامن والاستقرار، من اجل درء المخاطر الاقليمية الكبيرة التي تهدد الاقليم.لذا هل يكون بامكان هذا القائد الشاب المقاتل، الذي يدور حوله كثير من الكلام، وضع الاحلام موضع التنفيذ، وتخليص بلاده من تبعات الفوضى؟هذا السؤال برسم دمشق التي عليها ان تعمل من اجل الاجابة عنه فعلاً، فيما عليها ان تستوعب الكثير من الاراء حيال شكل الحكومة، وان تعرض عما تطالب به بعض الدول التي سعت طوال عقود، وخصوصا خلال الحرب الاهلية، الى ترسيخ قوتها في القرار السوري، لان ما تطالب به ايران من ضرورة تشكيل حكومة تمثل كل الاطياف، هو دس للسم في العسل، وهو تدخل بالشؤون الداخلية، وثانيا الايحاء ان هناك ازمة، او خوفا من اقليات معينة، بينما الحقيقة ان هذا الطرح هو اعادة انتاج للانقسام الطائفي الذي خرب لبنان والعراق.سورية اليوم بحاجة الى الهدوء وقوة محلية تسيطر على بلد شاسع المساحة، والى اعادة انتاج سلطة وطنية عبر انتخابات محلية، وكذلك دستور جديد، والى مساعدة كل المحبين لشعبها.
*السياسة