ناصر العبدلي : خالد الفيصل

حينما رأيت ملك الشعر الأمير خالد الفيصل، وهو يطوف حول الكعبة بملابس الإحرام، تذكرت أربعة عقود من الإبداع الشعري، الذي تغنّت به في الجزيرة العربية والخليج أجمل الأصوات، أبرزها صوت الأرض الفنان طلال مداح، وفنان العرب محمد عبده، مرت كلمح البصر ولم تتبقَّ منها سوى الذكرى الجميلة، وربما عزاؤنا بعد تلك السنوات أن صدى تلك الكلمات مازال يتردد بأصوات شبابية.
لقد رافقتنا تلك الكلمات مذ شببنا عن الطوق حتى أصبحت محل «تسابق» بيننا من يقتنيها صوتاً أولاً، والتبادل الذي كان بين مطربين (طلال مداح، محمد عبده) زاد تلك الكلمات سخونة وتحريكاً للمشاعر، ولم يكن ينافسني في ذلك الوقت في اقتناء كل ما هو جديد لأجمل شاعر سوى صديق الطفولة والدراسة سلطان المهنا العدواني، أما البقية فكانوا ينتظرون أن أخبرهم بكل ما هو جديد.
خالد الفيصل لم يكن شاعراً عادياً، بل كان تعبيراً صارخاً عما يدور في الأنفس من مشاعر، وقد تجد في كلماته الكثير من النظريات، التي تناول بعضها علم النفس وأغفل البعض الآخر، لتكون وحيدة في تلك القصائد الجميلة، الأمر الذي يجعل المرء يقر ويعترف له بأنه أسطورة شعرية، تمس قصائدة أحاسيس داخل النفس المتناقضة والمعقدة في بعض الأحيان.
كانت مشاعر الغضب، الخوف، الفرح، الحزن، موجودة في تلك الكلمات، لكن الإبداع دائماً في طرحها بشكل متجدد في كل القصائد، وكأنك تلمس تلك الأحاسيس لأول مرة، ولكل شعور من تلك المشاعر نكهة تتجدد، جعلت من أيام حياتنا تسير بوتيرة متصاعدة من الهدوء، بتنا نفتقدها مع تراجع زخم تلك الكلمات، بسبب عوامل الدهر، التي تفرض نفسها على كل إنسان مع مرور الوقت.
أشهر قصائد خالد الفيصل تجدها في 9 دواوين، لم تكن في حضن الغزل دائماً، بل هناك الفلسفة والفنون والتراث والتغني بالوطن، وقد طربنا دائماً لتلك الأغاني، وتغنينا بها إلى الوقت الذي توّج به شعره بقصيدة «حنا العرب»، لتعبّر عن كل مواطن خليجي في تلك الأيام من تاريخنا، وأعتقد أن أعجابنا وعشقنا لن يتغيّر مهما طالت السنين لهذا الشاعر المبدع.
*القبس