رأي في الحدث

منال أبو العلا : سورية تنهض من الرماد

القلوب تحدد مصير الإنسان، بل تخلق قنوات اتصال أثيرية بين الله والبشر، حتى بين البشر أنفسهم، لتخفق بقوة بنبضات الحب والسلام.ففي زمن تتسارع فيه الأحداث، وتتبدل فيه موازين القوى، تثبت المملكة العربية السعودية، مرة بعد مرة، أنها الثابتة في معادلات التغيير، والحاضنة لكل أمل عربي ينهض من بين ركام اليأس والخذلان.نحن شعبٌ لا يرضى إلا بالقمة، وقيادتنا لا تتحرك إلا لصنع الفرق، في الداخل كما في الخارج.ففي لحظة إنسانية لا تُنسى، وخلال منتدى الاستثمار السعودي الأميركي في الرياض، التُقطت صورة عفوية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، واضعاً يديه على صدره، بابتسامة مليئة بالحب والفخر، في مشهد اختصر مشاعر الملايين. تحولت هذه الصورة خلال ساعات إلى “ترند” على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبرها السوريون رسالة صامتة مليئة بالمعاني، تحية امتنان من القلب للقلب، وموقفاً إنسانياً نادراً يُجسّد القيادة بالمحبة لا فقط بالقرار.اليوم، يقف المواطن السعودي شامخاً، وهو يرى بلاده تمارس دورها الطبيعي كقلب الأمة، وعقلها الراجح، ودرعها الحامي، ولسنا نحن من نقول ذلك، بل الأحداث تشهد، والعالم يصفق، والعرب يستبشرون.جهد السعودية في الملف السوري لم يكن مجرّد وساطة سياسية، بل كان إعلاناً صريحاً أن زمن الاستسلام قد انتهى، وأن صوت الإنسان العربي لا يزال مسموعاً، حين ينطقه من يملك الإرادة والشرعية والمصداقية.أيها السعوديون، أنتم تنتمون إلى وطن لا يصنع المعجزات فقط، بل يصوغ التاريخ، ويكتب الحاضر والمستقبل بكلماتٍ من شجاعة وكرامة.فخرنا لا يُشترى، ومكانتنا لا تُمنح، بل ننتزعها بعملنا، ونيّاتنا، وأفعال قادتنا.ولأن لكل أمة لحظة مجد ترويها الأجيال، فإن ما فعلته السعودية في 13 مايو سيُدرّس يوماً كعلامة فارقة في تاريخنا المعاصر، حين قررت أن تكون صانعة القرار لا تابعة، ومصدر الأمل لا الباحث عنه.فمن قلب العاصمة السعودية الرياض، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراراً مفاجئاً ومصيرياً: رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سورية بالكامل.لم يكن الإعلان مجرد إجراء ديبلوماسي، بل كان تحولاً جذرياً في السياسة الدولية تجاه سورية، وبداية مسار جديد ينتظره السوريون منذ أكثر من عقد.ما وراء هذا القرار كان وساطة سعودية قادها الأمير محمد بن سلمان بحكمة واقتدار، حيث جمع بين حنكة السياسة وصدق النية، وأثبت أن المملكة لم تعد فقط لاعباً إقليمياًً، بل صانع تحولات دولية.”لقد أدت العقوبات دوراً مهماً، لكن حان الوقت الآن لسورية للمضي قدما”، بهذه الكلمات أعلن ترامب عن نقطة التحول، بعد مشاورات شاملة مع ولي العهد السعودي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.بعد الإطاحة بالنظام السابق، اختار السوريون قائداً يحمل في روحه ملامح المرحلة الجديدة، هو الرئيس أحمد الشرع، شخصية وطنية صاعدة أعادت إلى السوريين الأمل في المستقبل، واستعادت ثقتهم في إمكان بناء دولة قوية، مستقرة، ومتصالحة مع محيطها ومع ذاتها.رفع العقوبات الأميركية لم يكن مجرد ارتياح سياسي، بل فرصة اقتصادية كبرى، وإشارة واضحة إلى أن سورية أصبحت مؤهلة للدخول إلى مرحلة الإعمار والتنمية. المستثمرون الدوليون، والشركات الخليجية، والمنظمات الأممية، يترقبون هذا التحول لبدء ضخ المشاريع، وبناء البنى التحتية، وتشغيل آلاف السوريين، وإعادة المدارس والمستشفيات والبيوت إلى الحياة.هذا القرار أعاد الحياة إلى الاقتصاد السوري، وفتح الباب أمام عودة ملايين اللاجئين، والمغتربين، وكل من يحلم بأن يرى سورية شامخة كما كانت.السعودية اليوم لا تُجيد فقط فن إدارة الأزمات، بل تحترف تحويلها فرصاً، وهذه الوساطة التاريخية كانت تتويجاً لرؤية المملكة في أن السلام لا يُفرض بالقوة، بل يُبنى بالحكمة والقيادة الهادئة.لم تُطالب السعودية بالمجد، ولم ترفع شعارات الانتصار، بل تركت الصورة والقرار يتحدثان.صورة الأمير محمد بن سلمان وهو يضع يديه على قلبه، لامست قلوب السوريين أكثر من كل الخطب، وجسدت لحظة شعور صادق بأن العالم العربي لا يزال يتنفس، ولا تزال فيه قيادات ترى في الإنسان أولاً وآخرا قيمة تستحق الحياة والكرامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى