السيد زهــره: مجرمون في حق اللبنانيين والعرب
بعد تسعة أشهر كاملة اعتذر سعد الحريري عن مهمة تشكيل الحكومة اللبنانية. الحريري حمل الرئيس عون مسؤولية هذا الفشل، وعون دافع عن نفسه وحاول تبرئة ساحته. والحقيقة أن كل الطبقة السياسية الطائفية الفاسدة الحاكمة تتحمل المسؤولية.
هذا الفشل في تشكيل الحكومة تجسيد لجرائم الطبقة السياسية في حق لبنان والشعب اللبناني.
وزير الخارجية الفرنسي اعتبر أن هذا الفشل دليل على عجز الطبقة السياسية عن معالجة الأزمة التي تسببت فيها هي نفسها.
الحقيقة ليست هكذا بالضبط. الحقيقة ان الطبقة السياسية لا تريد أن تنهي الأزمة أصلا على النحو الذي يريده الشعب اللبناني ويريده الذين يحبون لبنان في العالم.
عون وزمرته وكل أركان الطبقة السياسية يفزعهم أشد الفزع أن تتشكل حكومة كفاءات غير طائفية يكون لها قدر من الاستقلالية في وضع سياسات الإنقاذ واتخاذ القرارات. يفزعهم هذا لأنهم لا يريدون من أي حكومة أن تقوم بأي إصلاح حقيقي يفضحهم أو يفضح فسادهم ويحاسب الفاسدين فعلا، ويكشف طائفيتهم الإجرامية أو يحد من قدراتهم على التخريب والسرقة والنهب وخدمة الأجندات الأجنبية.
لا يعني أركان هذه الطبقة في شيء أن تتدمر البلاد أو يتعذب الشعب ولا يجد دواء ولا غذاء ولا ماء ولا كهرباء.
أركان الطبقة السياسية في لبنان مجرمون قتلة عن سبق إصرار وترصد.
بعد إعلان هذا الفشل لا أحد يعرف بالضبط إلى أين يتجه لبنان وما الذي يمكن أن يحدث، وإن كان الكل يجمع على أن المستقبل حتى القريب مظلم ومفتوح على كل الاحتمالات المأساوية.
الطبقة السياسية الطائفية في لبنان لا تجرم بحق اللبنانيين فقط، وإنما بحق كل العرب من زاوية محددة.
نعلم أننا في كل الدول العربية تقريبا نخوض منذ سنوات طويلة معركة سياسية وإعلامية وعملية كبرى ضد التدخلات الأجنبية في شؤون دولنا. نخوض هذه المعركة من حيث المبدأ وبحكم تجارب دولنا وما مرت به.
لسنا بحاجة إلى أن نتحدث تفصيلا هنا عن سبب خوضنا هذه المعركة، فالتدخلات الأجنبية في شؤون دولنا تعني تنفيذ أجندات تخريبية تدميرية لدولنا ومجتمعاتنا، أصبحنا نعرف أبعادها جيدا بعد خبرتنا المريرة.
المشكلة اليوم أن هذه الطبقة السياسية المجرمة في لبنان تضعف حجتنا على الأقل فيما يتعلق بلبنان، وتعطي مبررات قوية للتدخل في شؤون لبنان والدول العربية. ليس هذا فحسب بل تجعل هذا التدخل مطلبا من قطاعات شعبية لبنانية.
اليوم تعلو أصوات في الغرب تعيد ترديد الرؤية الاستعمارية بأن العرب عاجزون عن حكم أنفسهم ويدللون على هذا بما يحدث في لبنان.
وحين اندلعت الانتفاضة الشعبية في لبنان خرجت بعض الأصوات المحدودة للبنانيين تطالب علنا بعودة الاحتلال إلى لبنان؛ إنقاذا للشعب من طبقته السياسية. ولو طرحت اليوم فكرة الوصاية الأجنبية على مقدرات لبنان لأيدتها بالتأكيد قطاعات لا يستهان بها من الشعب اللبناني، ليس حبا في الوصاية وإنما يأس من أي أمل أو خلاص في ظل وجود هذه الطبقة السياسية.
كما نرى، هذه الطبقة السياسية تدمر بلدا عربيا وتذل شعبا، وتدمر قيما ومبادئ.. قيم الاستقلال والحرية ورفض الوصاية الأجنبية.
يحار المرء حين يفكر، كيف يمكن أن يتحقق خلاص لبنان والشعب اللبناني من هذه الطبقة السياسية ويكون لديه أمل في مستقبل أفضل إذا أردنا استبعاد الاحتمالات العنيفة الدموية.
هل يمكن لعدد من الدول العربية مثلا أن تفعل شيئا حازما لمساعدة الشعب اللبناني في محنته القاسية هذه؟