محمد يوسف : خضراء يا تونس
أحداث تونس قطعت حبال أفكارنا وفرضت نفسها، فأصبح كل شيء قابلاً للتأجيل، فقد فتحت نافذة لتدخل الضوء إلى البلاد الخضراء، بعد أن أظلمت تحت تأثير ألاعيب الغنوشي وحزبه الإخواني
مشكلة الإخوان أنهم لا يتعلمون من أخطائهم، أجسادهم اعتادت الجلد ولا يستطيعون العيش والسياط بعيدة عنهم، وهم ضحية تنظيرات طرحها قادتهم من ميونيخ وبروكسل ولندن قبل نصف قرن، قالوا لهم إنهم الفئة المميزة من بين كل فئات الأمة، وقد كتبت لهم القيادة والريادة، وسعوا بكل ما أوتوا من قوة نحو تنفيذ هذه المقولة، ميزوا أنفسهم وهم مشردون أو داخل السجون.
وصدقهم البسطاء والمفكرون، وسار الجميع على ذلك النهج، وشكلوا صورة نمطية يستدل عليها من ملامحهم وسلوكياتهم، واستغلوا الفرص، وإن كانت ضئيلة، للقفز إلى الأمام، ومحاولة تسلق سلم السلطة بأسرع وقت، مرددين أن الفرص لا تتوافر دوماً، ومن واقعة إلى أخرى، ومن دولة إلى دولة، كانت أوراقهم تحرق، هم الذين يحرقونها قبل أن يحرقها من فاض بهم الكيل وتأذوا من شرورهم.
الشعوب بقواها الوطنية، وقادتها الذين لا يوالون غير أوطانهم، قالت كلمتها، في مصر يوم 3 يوليو 2013، وفي ليبيا واليمن وسوريا والسودان، وفي بعض الدول الخليجية، ورفعت «يافطات» مضادة للنهج والتنظير الإخواني، ولفظت هذه الفئة القليلة التي لا يسندها إيمان أو فكر أو سلوك قويم، فئة لا تملك إرادتها تسعى إلى نزع إرادة كل فئات الشعب، في كل البلاد، إذا تمكنوا كانوا نسخة من «محمد مرسي» يوم حكم مصر، والغنوشي حتى يوم أول من أمس، وأردوغان وحزبه الذي يعكس الصورة القاتمة لكل بلاد تسيطر عليها هذه الفئة.
انتفضت تونس بمكوناتها المشكلة للوطن الذي تميز عبر التاريخ، وحسم الرئيس قيس سعيد الموقف بعد أن انقطع حبل الصبر، ورأى بلاده تجر نحو المجهول من أجل طموحات حزب إقصائي يعيش في وحل المؤامرات، انحاز الرئيس إلى وطنه وشعبه وهو المفوض من قبل الأغلبية يوم انتخب ووضعت الأمانة بين يديه، حتى تعود تونس إلى رونقها وبهائها خضراء كما عهدناها.