محميد المحميد : حديث كيسنجر.. وقطر وطالبان..!!
من يود أن يطلع على أفضل قراءة وتحليل استراتيجي لما يحصل حاليا في أفغانستان فعليه أن يقرأ مقال مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق هنري كيسنجر الذي نشره في مجلة «الإيكونوميست» البريطانية، ومن يريد معرفة سر التدخل القطري في الملف الأفغاني فعليه أن يطلع على مقال الأستاذ عبداللطيف المناوي الذي نشر في جريدة «المصري اليوم» المصرية.. هذان مقالان يكشفان بصورة مباشرة ومختصرة المسألة الأفغانية «الطالبانية»، تاريخيا وحاضرا ومستقبلا، وتأثيرها على أمن العالم، وأمن المنطقة، في ظل وجود إيران، ودول وجهات أخرى.
هنري كيسنجر في مقاله وصف ما حصل في أفغانستان بأنه انتكاسة أمريكية طوعية، وجدت فيها الولايات المتحدة نفسها تتحرك للانسحاب، دون التشاور مع الحلفاء. واعتبر كيسنجر أنه «يمكن احتواء طالبان ولكن لا يمكن القضاء عليها. ولذلك استدعى الأمر إدخال أشكال غير مألوفة من الحكومة وهو ما أدى إلى إضعاف الالتزام السياسي وزيادة الفساد المستشري»، منبها إلى أنه «يجب أن ندرك في الولايات المتحدة أنه لا توجد أي خطوة استراتيجية دراماتيكية متاحة في المستقبل القريب لتعويض هذه الانتكاسة الذاتية التي حصلت لنا في أفغانستان، كأن نقوم بتقديم التزامات رسمية جديدة في مناطق أخرى. فمثل هذه الاندفاعة الأمريكية من شأنها أن تبث خيبة الأمل بين الحلفاء، وتشجع الخصوم، وتزرع الارتباك بين المراقبين».
وفي مقاله عن دور قطر مع حركة طالبان أشار «المناوي» بأن قطر كانت تحافظ على العلاقات بشكل ودي مع الحركة، ومع افتتاح مكتب «طالبان» لدى قطر سنة 2013، بعد سقوط أفغانستان في يد القوات الأمريكية، كان للدوحة ما أرادت، حيث كانت ترغب في استمرار تسليط دائرة الضوء الدولية عليها، باعتبارها دولة محورية في المنطقة.
ومع بدء سيطرة حركة «طالبان» على أفغانستان.. اتجهت الأنظار إلى الدوحة، لما تمتلكه من علاقات مع الحركة، جعلتها تستضيف مباحثات ولقاءات التهدئة التي عُقدت بين «طالبان» من جانب، والحكومة الأفغانية أو حلف شمال الأطلسي «الناتو» من جانب آخر، بشكل سري وعلني على مدار السنوات الماضية.
يضيف «المناوي» بأن قطر تعتبر المكان المفضل لقادة «طالبان».. وعدد كبير من قيادات وأعضاء حركة طالبان يعيشون مع أسرهم في قطر، ويتمتعون بحياة فاخرة ومرفهة هناك، النظام القطري يتكفل بتعليم أبناء قادة الحركة في المدارس والجامعات القطرية، ويتلقى أبناؤهم مخصصات مالية شهرية، إضافة إلى منحهم حرية التجارة والاستثمار في مجالات المقاولات والبناء.
ويكشف «المناوي» بأن قطر تريد لعب دور إقليمي، وعوضًا عن أن تلعب دورًا إيجابيًا تقوم باستخدام هذه الجماعات كأدوات، بهدف إضعاف الأدوار الإيجابية لدول أخرى في المنطقة، مع استخدام حركة طالبان كأداة لفرض سياساتها في المنطقة، وأن قطر كانت جزءًا من خطة كان هدفها الإبقاء على طالبان حاضرة، بل تأهيلها ليومٍ آتٍ.
باختصار.. فإن المشهد كله يؤكد أن قطر حاضنة لاستمرار العنف والإرهاب والتطرف في المنطقة، وهذا ما ستكشفه الأيام المقبلة، كما حصل مع الجماعات الإرهابية التي تحتضنها قطر، وبدعم وتعاون وتنسيق مع حليفتها «إيران».. تماما كما يؤكد صواب تحليل «كيسنجر» في خطأ القرار الأمريكي الذي تم دون تشاور مع الحلفاء.