الإمبريالية الأميركية تستعين بالعدو الشيوعي السابق ..علامات تغير الزمن: أميركا تستعين بفيتنام في مواجهة الصين
الولايات المتحدة ستواصل جولاتها الجيوسياسية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، بعد زيارة سنغافورة وفيتنام، لكنها ستتبع نمطا مختلفا من الآليات الدبلوماسية.
لم تكن زيارة كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي إلى سنغافورة وفيتنام تقليدية بمعايير خبراء السياسة الدولية، بل كانت تجسيدا لرغبة واشنطن في ترسيخ أقدامها بالمحيطين الهندي والهادي لمواجهة الهيمنة الصينية.
والثلاثاء دعت هاريس خلال خطابها في سنغافورة إلى إنهاء “التهديد” الصيني المستمر ومطالباتها غير القانونية بأجزاء كبيرة من بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، معتبرة أن تصرفات بكين تواصل “تقويض النظام القائم على القواعد وتهديد سيادة الدول”.
كما عرضت خلال مباحثاتها مع الرئيس الفيتنامي نجوين شوان فوك المزيد من زيارات السفن الحربية الأميركية لمواجهة خطر التوسع والهيمنة الصينيَّيْن. ووفق ما يراه خبراء فإن مستقبل الولايات المتحدة يكمن في المحيطين الهندي والهادي، حيث يعتمد جزء كبير من اقتصاد واشنطن على دول هذه المنطقة.
وقال رمضان مهيمن، الباحث في مركز دراسات السلام والدفاع بجامعة الأزهر الإندونيسية، إن “زيارة هاريس لسنغافورة وفيتنام تهدف إلى تعزيز الموقف الأميركي في المحيطين الهندي والهادي لمواجهة الهيمنة الصينية”.
وأضاف مهيمن “تحرك الولايات المتحدة لمغادرة أفغانستان كان مدفوعا جزئيا بجهود البلاد لتعزيز موقعها في منطقة جنوب شرق آسيا”. وتضم دول منطقة المحيطين الهندي والهادي نحو 60 بالمئة من سكان العالم بإجمالي ناتج محلي يقارب 52 تريليون دولار سنويا.
وعزا مهيمن أسباب التحرك الأميركي باتجاه فيتنام إلى “الصراع الشديد بين هانوي وبكين في بحر الصين الجنوبي”. وشكلت فيتنام ميليشيا في بحر الصين الجنوبي قوامها نحو 70 ألف صياد مدعوم من الحكومة، بهدف موازنة كثافة نظرائهم الصينيين.
وتزعم بكين أحقيتها في 90 بالمئة من المساحة الإجمالية لبحر الصين الجنوبي، استنادا إلى خرائط لديها، ما يثير توترات مع العديد من دول جنوب شرق آسيا، أبرزها فيتنام والفلبين وماليزيا وإندونيسيا وبروناي.
ويرجح مهيمن أن تواصل الولايات المتحدة جولاتها الجيوسياسية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، بعد زيارة سنغافورة وفيتنام، لكنها ستتبع نمطا مختلفا من الآليات الدبلوماسية.
وأوضح أن “النهج الأميركي قد يستخدم مستقبلا عدة آليات أبرزها الدبلوماسية العسكرية، أو الاقتصادية، أو دبلوماسية اللقاحات”. وفي أغسطس الماضي أجرت إندونيسيا والولايات المتحدة تدريبات عسكرية مشتركة واسعة النطاق شارك فيها نحو 3 آلاف و700 جندي من البلدين.
وبين 2016 و2020 كانت الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري واستثماري لرابطة دول جنوب شرق آسيا “آسيان”، حيث زاد حجم التجارة 39 بالمئة ليرتفع من 211.8 إلى 294.6 مليار دولار، وفق وزارة الشؤون الخارجية الإندونيسية.
وقال الباحث في العلاقات الدولية بجامعة إندونيسيا هيكماهانتو جوانا إن خطاب هاريس في سنغافورة وفيتنام كان بمثابة “تحذير للصين مقابل طمأنة دول جنوب شرق آسيا”. وأوضح “الولايات المتحدة تريد حرية الملاحة، وألا تقع دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ في فخ ديون الصين”، مستبعدا علاقة انسحاب واشنطن من أفغانستان بمنافستها مع بكين.
وأضاف “رغم عدم زيارة هاريس لإندونيسيا نجحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في بناء تعاون قوي مع جاكرتا، لاسيما في ظل أيديولوجيا حزب بايدن الديمقراطي، الذي يعزز احترام حقوق الإنسان والديمقراطية”.
لكن إندونيسيا لا تزال تعاني من بقايا العهد الاستبدادي للرئيس السابق سوهارتو (تولى الحكم بين 1967 و1998)، ولا تزال البلاد تواجه انتقادات دولية بشأن أوضاع حقوق الإنسان والحريات وقضايا التحول الديمقراطي، وهو ما يمثل للإدارة الأميركية الحالية حيثية سياسية.
وأفاد تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية بأن سجل حقوق الإنسان في إندونيسيا خلال 2019 شهد تراجعا في قضايا حرية الرأي والتعبير والحريات الدينية وحقوق المرأة وغيرها.
من جانبه قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإندونيسية توكو فايزاسياه إن بلاده تمثل أهمية للولايات المتحدة، مستشهدا بزيارة وزيرة الخارجية ريتنو مارسودي لواشنطن مطلع أغسطس الماضي، بدعوة من نظيرها أنتوني بلينكن.
وأضاف فايزاسياه “مارسودي هي أول وزيرة خارجية من دول آسيان تجري مباحثات مع نظيرها الأميركي في واشنطن منذ توليه مهام منصبه في يناير 2021”.
وفي يوليو الماضي وجه بلينكن تحذيرا في بيان خطي بمناسبة ذكرى مرور خمس سنوات على حكم أصدرته هيئة تحكيم برفض مطالبات الصين بالسيادة على مناطق واسعة في بحر الصين الجنوبي. غير أن الصين ردت بعدم قبول بكين لهذا الحكم، لينذر الأمر بتحول بحر الصين الجنوبي إلى ساحة توترات جديدة بين الغريمين العالميين.
*العرب