رأي في الحدث

عبدالمنعم ابراهيم: بسلاح (حزب الله).. إيران تتصرف مع لبنان كبلد محتل!

إيرانُ‭ ‬تتصرفُ‭ ‬في‭ ‬الدولِ‭ ‬العربيَّةِ‭ ‬التي‭ ‬تسيطرُ‭ ‬على‭ ‬قرارِها‭ ‬السياسيِّ‭ ‬باستفزازٍ‭ ‬لمشاعرِ‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬وتعدُّ‭ ‬زيارةُ‭ ‬وزيرِ‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيراني‭ (‬حسين‭ ‬أمير‭ ‬عبداللهيان‭) ‬الأخيرةُ‭ ‬إلى‭ ‬لبنانَ‭ ‬ضمنَ‭ ‬هذا‭ ‬السياقِ‭ ‬الاستفزازي‭ ‬لمشاعر‭ ‬اللبنانيين‭ ‬الرافضين‭ ‬النفوذَ‭ ‬والتدخلاتِ‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬الشؤونِ‭ ‬اللبنانية‭.. ‬وقد‭ ‬عبَّر‭ ‬اللبنانيون‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬بعاصفةِ‭ ‬غضبٍ‭ ‬واسعة‭ ‬اجتاحت‭ ‬لبنان،‭ ‬حيث‭ ‬انطلقت‭ ‬مسيرةٌ،‭ ‬دعت‭ ‬إليها‭ (‬المجموعاتُ‭ ‬السياسيَّةُ‭) ‬من‭ ‬ساحة‭ ‬ساسين‭ ‬في‭ ‬الأشرفية‭ ‬بالعاصمة‭ ‬بيروت‭ ‬إلى‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬رفضًا‭ ‬لوجود‭ (‬عبدالليهان‭) ‬على‭ ‬أرض‭ ‬لبنان،‭ ‬وطالب‭ ‬المحتجون‭ ‬بتطبيقِ‭ ‬القراراتِ‭ ‬الدوليَّةِ،‭ ‬ونزعِ‭ ‬السلاحِ‭ ‬غير‭ ‬الشرعي،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬سلاح‭ (‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭)‬،‭ ‬ورفعوا‭ ‬شعارَ‭ (‬لا‭ ‬للاحتلال،‭ ‬لا‭ ‬لسلطة‭ ‬الخضوع‭ ‬والخنوع‭)‬،‭ ‬وقال‭ ‬رئيس‭ ‬حركة‭ ‬التغير‭ (‬إيلي‭ ‬محفوظ‭): ‬‮«‬إننا‭ ‬نرفضُ‭ ‬زيارةَ‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬لبنان،‭ ‬وكان‭ ‬المقصود‭ ‬منها‭ ‬الإيحاء‭ ‬بأن‭ ‬الجمهورية‭ ‬اللبنانية‭ ‬هي‭ ‬دولةٌ‭ ‬محتلةٌ‭ ‬فعليًّا،‭ ‬وهي‭ ‬امتدادٌ‭ ‬للنظامِ‭ ‬والنفوذِ‭ ‬الإيراني،‭ ‬وإن‭ ‬زيارةَ‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيراني‭ ‬لا‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬السياقِ‭ ‬الدبلوماسيِّ‭ ‬الطبيعي‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬تمثيلٌ‭ ‬سافرٌ‭ ‬لاحتلالٍ‭ ‬نرفضُه‭ ‬ونقاومُه‮»‬‭.‬

طبعًا‭ ‬إيرانُ‭ ‬تستثمرُ‭ ‬في‭ ‬لبنانَ‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬الأزماتِ‭ ‬المعيشية‭ ‬التي‭ ‬يعيشُها‭ ‬الشعبُ‭ ‬اللبناني،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬نقصُ‭ ‬الوقودِ‭ ‬والمازوت‭ ‬المشغل‭ ‬للكهرباء،‭ ‬وحركت‭ ‬إيرانُ‭ ‬أداتها‭ ‬القابضةَ‭ ‬في‭ ‬لبنانَ‭ (‬حزبَ‭ ‬الله‭) ‬لكي‭ ‬يستوردَ‭ ‬المازوت‭ ‬الإيراني،‭ ‬ويتاجر‭ ‬به‭ ‬ماليًّا‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬حاجةِ‭ ‬الشعبِ‭ ‬اللبناني،‭ ‬ووفقًا‭ ‬لمسؤول‭ ‬إيراني‭ (‬فإن‭ ‬رجال‭ ‬أعمال‭ ‬لبنانيين‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬اشتروا‭ ‬شحنات‭ ‬المازوت‭ ‬الإيراني،‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬عبر‭ ‬البحر‭ ‬إلى‭ ‬سوريا،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬دخلت‭ ‬لبنان‭ ‬برًا‭ ‬في‭ ‬صهاريج‭ ‬تحت‭ ‬حماية‭ ‬سلاح‭ ‬ومليشيات‭ (‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭)‬،‭ ‬واعتمد‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬على‭ (‬شركة‭ ‬الأمانة‭ ‬للمحروقات‭) ‬لتوزيع‭ ‬المواد‭ ‬المستوردة‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬لكونها‭ ‬تخضع‭ ‬أساسًا‭ ‬للعقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2020‭. ‬ولأنها‭ ‬مملوكة‭ ‬لمؤسسة‭ ‬تابعة‭ ‬لحزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭.‬

يوم‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي‭ ‬نددت‭ ‬أمريكا‭ ‬بما‭ ‬أسمته‭ (‬لعبة‭ ‬علاقات‭ ‬عامة‭) ‬يقوم‭ ‬بها‭ (‬حزب‭ ‬الله‭) ‬الذي‭ ‬أعلن‭ ‬مؤخرًا‭ ‬استيرادَ‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الوقود‭ ‬الإيراني‭ ‬إلى‭ ‬لبنان‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬سوريا،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬المرور‭ ‬بمؤسسات‭ (‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭)! ‬وأثبت‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الحزب‭ ‬الموالي‭ ‬لإيران‭ ‬هو‭ ‬صاحبُ‭ ‬القرارِ‭ ‬الفعليِّ‭ ‬في‭ ‬لبنان‭.‬

إيران‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭ ‬يستثمرون‭ ‬معاناةَ‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني‭ ‬مع‭ ‬أزمة‭ ‬الوقود،‭ ‬واستيرادُ‭ ‬المازوت‭ ‬الإيراني‭ ‬عبرَ‭ ‬صهاريج‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬سوريا‭ ‬ليس‭ ‬حلاً‭ ‬ناجحًا‭ ‬لإنهاء‭ ‬مشكلة‭ ‬نقص‭ ‬الوقود‭ ‬خصوصًا‭ ‬مع‭ ‬تفاقم‭ ‬الأزمة‭ ‬مؤخرًا،‭ ‬إذ‭ ‬حلَّ‭ ‬الظلامُ‭ ‬الدامسُ‭ ‬على‭ ‬بيروت‭ ‬مساء‭ ‬السبت‭ ‬الماضي،‭ ‬بعد‭ ‬توقف‭ ‬معملين‭ ‬رئيسيين‭ ‬عن‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬جراء‭ ‬نفاد‭ ‬الوقود،‭ ‬وكان‭ ‬لبنان‭ ‬قد‭ ‬توصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬لاستيراد‭ ‬الكهرباء‭ ‬من‭ ‬الأردن،‭ ‬والغاز‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬إلى‭ ‬لبنان‭ ‬عبر‭ ‬سوريا،‭ ‬بينما‭ ‬عمدَ‭ (‬حزبُ‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭) ‬إلى‭ ‬استيراد‭ ‬المحروقات‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬بشكلٍ‭ ‬منفصلٍ‭ ‬عن‭ (‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭)!‬

كذلك‭ ‬وقَّعت‭ ‬الحكومةُ‭ ‬اللبنانية‭ ‬سابقًا‭ ‬اتفاقًا‭ ‬مع‭ ‬العراق‭ ‬لتسليم‭ ‬كميات‭ ‬من‭ (‬الفيول‭ ‬أويل‭) ‬لتشغيل‭ ‬معامل‭ ‬إنتاج‭ ‬الكهرباء،‭ ‬مقابل‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬طبية‭ ‬للعراق‭.. ‬ويطالب‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬لبنان‭ ‬بإصلاحٍ‭ ‬شامل‭ ‬لقطاع‭ ‬الكهرباء،‭ ‬الذي‭ ‬يكبِّدُ‭ ‬خزينةُ‭ ‬الدولة‭ ‬خسائرَ‭ ‬فادحة،‭ ‬وبحسب‭ ‬وكالة‭ (‬فرانس‭ ‬برس‭) ‬كلَّف‭ ‬الخزينةَ‭ ‬العامة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬منذ‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬البلاد‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1975‭ ‬و1990‭.‬

والسؤال‭ ‬الأهم‭: ‬أين‭ ‬ذهبت‭ ‬ميزانيةُ‭ ‬40‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لإصلاحِ‭ ‬الكهرباء‭ ‬طوال‭ ‬العقودِ‭ ‬السابقة؟‭.. ‬طبعًا‭ ‬الإصلاحُ‭ ‬والفسادُ‭ ‬لا‭ ‬يلتقيان‭ ‬في‭ ‬السياسةِ‭ ‬الحكيمة‭ ‬للدول،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬أبسطَ‭ ‬تفسيرٍ‭ ‬لهدرِ‭ ‬كلِّ‭ ‬هذه‭ ‬الأموالِ‭ ‬الطائلة‭ ‬هو‭ ‬ابتلاعُ‭ ‬وحش‭ ‬الفساد‭ ‬الكاسر‭ ‬في‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬الحاكمة‭ ‬لكل‭ ‬الأموال‭ ‬التي‭ ‬تُرصد‭ ‬لإصلاحِ‭ ‬الكهرباء،‭ ‬وطبعًا‭ ‬هناك‭ ‬ملياراتٌ‭ ‬كثيرة‭ ‬أخرى‭ ‬تمَّ‭ ‬إهدارُها‭ ‬تحت‭ ‬غطاء‭ ‬إصلاح‭ ‬المواصلات‭ ‬والمياه‭ ‬والزراعة‭! ‬ومليارات‭ ‬صُرفت‭ ‬تحت‭ ‬بند‭ ‬تصريف‭ ‬تراكم‭ ‬القمامة‭ ‬والزبالة‭ ‬من‭ ‬الشوارع،‭ ‬والتي‭ ‬علَّق‭ ‬عليها‭ ‬اللبنانيون‭ ‬في‭ ‬تظاهرات‭ ‬احتجاجية‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ (‬طلعت‭ ‬ريحتكن‭)!‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى