عبدالمنعم ابراهيم : من يستطيع تنفيذ أي حكم قضائي بحق «حزب الله» في لبنان؟
حزب الله اللبناني يهدد بإشعال حرب أهلية لتجنب المحاسبة في تفجير مرفأ بيروت).. هذا ما قالته صحيفة (فاينانشال تايمز) البريطانية يوم أمس الأول، ولكن السؤال من سينفذ العقاب بحق عناصر (حزب الله) فيما لو صدر حكم بالإدانة ضدهم في التسبب في انفجار مرفأ بيروت وتخزين نترات الأمونيا الشديدة الانفجار في المرفأ؟ فقد سبق للمحكمة الدولية التي كانت تنظر في جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري رئيس الوزراء عام 2005 أن أصدرت حكما يدين عنصرا من (حزب الله اللبناني) بارتكاب الجريمة، ومع ذلك لم يتم حتى الآن تنفيذ الحكم بحقه! لأن (حزب الله) يحميه بترسانته العسكرية التي تفوق قدرات وعتاد الجيش اللبناني.
إذن المسألة لا تتعلق باستقلالية (القضاء اللبناني) أو مطالبة (حزب الله) بتنحية القاضي (طارق البيطار) عن ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، أو اتهامه لحزب (القوات اللبنانية) بأنهم خلف أحداث العنف والاشتباكات المسلحة الأخيرة في (الطيونة) ببيروت، ونفي زعيم الحزب (سمير جعجع) تلك الاتهامات.. ولا حتى بمطالبة أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت بالقصاص من الجناة الذين تسببوا في انفجار المرفأ الكارثي.
هذه كلها تفاصيل صغيرة جدا أمام المسألة المهمة، وهي الإجابة نى سؤال: من سوف ينفذ القصاص والعقاب بحق عناصر (حزب الله اللبناني) إذا تم إدانتهم من قبل القضاء اللبناني؟
ما فائدة القضاء المستقل في لبنان إذا لم يكن هناك سلطة تنفذ أحكامه القضائية بحق (حزب الله)؟ وخصوصا في ظل وجود تحالف سياسي قوي بين رئيس الجمهورية (ميشال عون) ورئيس مجلس النواب (نبيه بري) مع (حزب الله اللبناني)، ويمثلون له دعامة وسندا وغطاء سياسيا لكل أفعاله المنفلتة في الشارع اللبناني! ولذلك كان أمرا طبيعيا أن نجد مليشيات تابعة لحزب الله وأخرى تابعة لحركة أمل تحمل بنادقها وأسلحتها الثقيلة تقف في منطقة الاشتباكات المسلحة مع قوات من (الجيش اللبناني) الرسمي هناك!
مشكلة لبنان الحقيقية ليست مع المحقق العدلي القاضي (طارق البيطار) الذي يطالب (حزب الله) بإقصائه عن التحقيقات الجارية في تفجير مرفأ بيروت، كلا، المشكلة الحقيقية هي أن (حزب الله) هو الذي يسيطر على قرار الحكم في لبنان، ويسيطر على منافذ لبنان البرية والجوية والبحرية، ويمكنه في أي لحظة أن ينزل عناصر مليشياته المسلحة في المدن اللبنانية لقمع أي مظاهرات أو احتجاجات شعبية ضده وضد الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان.
هذه هي الحقيقة التي يعرفها الكل في لبنان وتعرفها الدول العربية أيضا، وتعرفها أمريكا وفرنسا وبريطانيا وبقية الدول الأوروبية.. حتى الحكومة الحالية برئاسة (نجيب ميقاتي) التي قيل إنها حكومة كفاءات مستقلة، اتضح أنها تشكلت من نفس أحزاب الطبقة السياسية الحاكمة، فكل حزب لديه وزراء تابعون له في الحكومة (المستقلة)! بدليل أن الوزراء دخلوا في صراع فيما بينهم داخل الحكومة واختلفوا وتناحروا سياسيا حول مسألة طلب (حزب الله) تنحية القاضي العدلي (طارق البيطار)! واختلفوا أيضا حول الموقف من الاشتباكات المسلحة التي حدثت مؤخرا في (الطيونة) ببيروت، ومن يتهم من خلف تلك الأحداث! لأنها حكومة ليست (مستقلة) ولا حكومة كفاءات متخصصة مثلما كانوا يدعون عند تشكيلها! إنها حكومة طائفية تابعة للطبقة السياسية الحاكمة في لبنان تأتمر بأوامر (حزب الله) ولا يمكنها تجاوز نفوذه السياسي على جميع الفرقاء السياسيين في الحكومة والرئاسة ومجلس النواب!
إذن الحل الجوهري والحقيقي في لبنان هو التخلص من نفوذ (حزب الله اللبناني) وسيطرته العسكرية على (الدولة اللبنانية).. بالله عليكم هل تعتقدون أن المساعدات المالية سواء القادمة من فرنسا أو البنك الدولي أو المجتمع الدولي أو الأمم المتحدة أو من الدول العربية سوف تصرف على الشعب اللبناني؟! سوف يقتطع (حزب الله) نصيب الأسد منها، ويترك الفتات ليتصارع عليه بقية (الإخوة الأعداء) في السلطة الحاكمة في لبنان.. لبنان يعيش في دوامة الصراع على المصالح الاقتصادية منذ عام 1992 حتى الآن.. مرة بشكل خفي.. ومرة بشكل معلن.. هذه المرة نعيش الصراع المعلن لكي يصبح خفيا!!