إميل أمين : عن لبنان المختطف إيرانيا
ما الذي جرى ويجري في لبنان؟ المتابع للساحة اللبنانية بعمق، يمكنه أن يدرك إدراكا حقيقيا، من غير مواراة أو مداراة، كيف أن لبنان الأرز بات مختطفا من قبل الجمهورية الإيرانية عبر إحدى أخطر أذرعها الميليشياوية، حزب الله. مشاهد نهار الخميس العبثية، تلك التي أطلق فيها رجالات حسن نصر الله نيران أسلحتهم الرشاشة، تبين وبما لا يدع مجالا للشك، أن هناك من يرتهن القرار اللبناني، لا بل الدولة اللبنانية، ويعيد التذكير بما جرى قبل عدة أعوام، من سيطرة وزحف لعناصر حزب الله في عموم بيروت بأكملها برصاص الأسلحة الرشاشة.
باعتراف نصر الله، يبقى الحبل السري الذي يضمن الحياة لجماعته يمر عبر طهران، من معاشات ورواتب، وإنفاق عسكري وحياة اجتماعية، وهي سابقة غير موجودة في أي موقع أو موضع حول العالم، فكيف لدولة بعيدة أن تقيم دويلة تابعة لها وخاضعة لأمرها على التراب الوطني لدولة أخرى مستقلة عضو في الأمم المتحدة، ثم وربما هذا هو الأهم، كيف يمكن تقبل فكرة وجود سلاح مواز لتسليح جيش الوطن، سلاح يستخدم ضد مواطني الوطن، ويوجه نحو صدورهم.
الحقيقة التي لا مراء فيها هي أن وضع حزب الله على هذا النحو، لابد أن ينتهي، مرة وإلى الأبد، وأن سلاحه يجب أن يفكك ويسلم للجيش اللبناني دفعة واحدة. يحاجج حزب الله بلغة خشبية عما يسمى، سلاح المقاومة، ويتساءل المراقب المحقق والمدقق: “أين هو الخطر المحدق بلبنان اليوم، بل أكثر من ذلك فإن همجية حزب الله واستهتاره بمقدرات الدولة اللبنانية، دفع ولا يزال يدفع الكثير من اللبنانيين، وربما من العرب للتساؤل: “أيهما بات أخطر اليوم على لبنان، إسرائيل أم حزب الله وشريكه المتمثل في حركة أمل؟
الجواب متروك لفهم وتقدير القارئ، والذي لا يغيب عن عينه المأزق الذي تجد إيران فيه نفسها، لاسيما بعد الانتخابات العراقية الأخيرة، وما ظهر على السطح من توجهات العراقيين الوطنيين الساعين إلى الخلاص من ربقة الاحتلال الإيراني، تلك التي تساوقت، بل ربما فاقت الاحتلال الأميركي الذي جثم على صدر البلاد منذ العام 2003.
هل حاولت إيران إظهار نفوذها في لبنان الخميس الماضي؟
الثابت أن وازع ما حدث هو اعتراض حزب الله على القاضي الذي سيكشف حكما عن دور الحزب في تخزين نترات الأمونيوم في مرفأ لبنان، والدمار الذي أصاب الدولة اللبنانية جراء الانفجار.
يريد نصر الله أن يفرض رؤيته وتوجهه بقوة السلاح على باقي الأطياف والأطراف اللبنانية، وربما وجدتها طهران – وهي غالبا كذلك – فرصة لإظهار صدق ما فاه به عدد من مسؤوليها عن نفوذها في أربع عواصم عربية.
إلى متى سيظل لبنان مختطفا؟
باختصار غير مخل، لن تنتهي أزمة لبنان، إلا بانكسار شوكة المشروع الإيراني في المنطقة برمتها. ويبقى القول، ما هي ردة الفعل الأميركية عما جرى في بيروت مؤخرا، وهل تنقص سيد البيت الأبيض المعلومات عما آل إليه الوضع هناك؟
إيران تفعل هكذا بأسلحتها التقليدية، ما بالنا حال امتلاكها سلاحا نوويا وهو أمر قريب؟.