عبدالمنعم ابراهيم:الانتخابات العراقية..(علي بابا..والأربعين حرامي)
من يتابعُ صورَ الاعتصاماتِ التي ينفذُها مناصرو (الحشد الشعبي) في العراق احتجاجًا على نتائجِ الانتخاباتِ البرلمانيَّةِ الأخيرة، وخصوصًا (تحالف الفتح) بقيادةِ زعيم منظمة بدر (هادي العامري) الذي حصل على 15 مقعدًا فقط بعد أن كان هو القوةُ الثانيةُ في البرلمان السابق بسيطرته على 48 مقعدًا آنذاك.. من يتابعُ هذه الاحتجاجاتِ على نتائج هذه الانتخاباتِ البرلمانيَّةِ العراقية يعتقدُ أن إيرانَ خسرت حلفاءها في تلك الانتخابات، ولكن الحقيقة غير ذلك تماما، لأن إيرانَ لاتزال تمتلكُ مقاعدَ كثيرةً في البرلمانِ الجديد، إذ جاءت كتلةُ (دولة القانون) بزعامة (نوري المالكي) في المرتبةِ الثالثةِ من حيث عددِ الأصوات، بعد كتلةِ (الصدر)، وكتلة (الحلبوسي) المكون السني.. بل إن المالكي عقد اجتماعًا في منزله مع الكتل (الشيعية) الأخرى ضمن مساعٍ لتشكيل حكومة يكون هو رئيسها، وتحفظ لإيران نفوذَها التقليدي في العراق، والكل يعرفُ أن (المالكي) من أكثر الأشخاص الطائفيين ولاء لإيران وللمرشد الأعلى الإيراني، كما لا تنسوا أن كتلةَ (مقتدى الصدر) التي حققت 73 مقعدا وجاءت في المركز الأول ليست في الخندق المعادي لإيران، هو شخصيًّا يمضي أكثر وقته مقيمًا في إيران، أكثر من إقامته في العراق، وسبق لمليشياته أن شاركت في قمع المحتجين وحرقت خيامهم في بغداد، تماما مثلما فعلت مليشيات (الحشد الشعبي) الموالية لإيران الذين قاموا بعمليات اغتيالات ضد الناشطين في الحراك الشعبي منذ أكتوبر عام 2019.
إذن من يعتقدُ أن إيرانَ خسرت الانتخاباتِ البرلمانيَّةِ الأخيرة في العراق فهو مخطئ، لأن كلَّ القوائمِ الشيعية التي فازت في الانتخابات الأخيرة لا تحملُ خصومةً أو عداء لإيران، بل تحرصُ على كسب ود وثقة حكومة الملالي الإيرانية فيها، وتتعهد بحفظ مصالح إيران الاقتصاديَّةِ والتجاريَّةِ والسياسيَّةِ (في بلادهم) العراق!
إذن لماذا يقومُ أنصارُ (الحشد الشعبي) بالمظاهراتِ والاعتصامات احتجاجًا على نتائج الانتخابات في بغداد ومدن أخرى حاليا؟
إنها مسألةٌ أقرب إلى حكاية (علي بابا والأربعين حرامي)! فهم لا يحتجون لأن إيرانَ خسرت الانتخابات، فهم يدركون أن إيران لم تخسر، ولكن يحتجون لأنهم خسروا قطعةً كبيرةً من الكعكةِ الطائفيَّة في العراق.. وهذا حال كل الخونة والعملاء لإيران في كل مكان بالوطن العربي، ما يهمهم هو الارتزاقُ والتكسبُ المالي وحصد أكبر قدرٍ من حصص الوظائف الرسمية والرواتب العالية، والصفقات التجارية الضخمة لصالحهم، والثروات التي تتكدس في جيبوهم وحساباتهم البنكية خارج العراق، بالإضافة طبعا إلى تعيين زبانيتهم وأفراد عائلاتهم في مناصب عليا في الدولة.
هذه هي حقيقةُ الاحتجاجاتِ الحالية ضد نتائج الانتخابات النيابية العراقية الأخيرة، هو اختلافٌ بين اللصوص الموالين لإيران، ولن تتوقف احتجاجاتهم إلا بعد أن تتوافر لهم الضماناتُ والاتفاقات والتسويات الطائفية بألا تمس مصالحهم الاقتصادية والمعيشية المرفهة السابقة عند تشكيل الحكومة العراقية الجديدة!
أما إيران، فهي تنام مطمئنة البال من دون أن تشعر بالقلق لنتائج الانتخابات النيابية الأخيرة في العراق.. لأنه لا توجد كتلةٌ (شيعية) فائزة في الانتخابات من الطبقة السياسية الحاكمة هناك منذ عام 2003 تتجرأُ على عصيان أوامرها داخل البرلمان وفي داخل الحكومة العراقية الجديدة! ناهيكم عن امتلاك إيران للحشد الشعبي العراقي الذي يتألف من نحو 160 ألفَ مقاتلٍ عراقي.. وفي أية لحظة تختلف فيها الحكومةُ العراقية القادمة مع إيران تطلق هذا العددَ الهائل من المجندين للصدام والهجوم على الجيش العراقي والشرطة العراقية!
منذ متى خافت إيران من البرلمان العراقي؟! أو حتى خافت من الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003؟ وهو العام الذي تسلمت فيه إيران هديتها من أمريكا التي قدمت العراق لها على طبقٍ من فضة.. وها هي أمريكا بعد إنفاق تريليوني دولار والتضحية بأكثر من 4500 جندي أمريكي تنسحب من العراق لصالح المليشيات الطائفية المسلحة الموالية لإيران في العراق؟.. وهذا ما كانت تطالب به إيران منذ سنوات.. أي أن تبقى إيران هي الوحيدة ذات النفوذ السياسي والعسكري والاقتصادي في العراق، وهي تعتبر نفسها المنتصرة بعد أن أجبرت القوات الأمريكية على إعلان نيتها الانسحاب من هناك.
إذن في المحصلة النهائية إيران تعتبر نفسها هي الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، بدليل أن (إسماعيل قاآني) قائد فيلق القدس الإيراني، وأيضا وزير الدفاع الإيراني، ووزير الخارجية الإيراني يدخلون العراق من دون دعوات رسمية! ويجتمعون مع قادة مليشيات الحشد الشعبي في وضح النهار! ألم نقل لكم إنها أشبهُ بقصة (علي بابا والأربعين حرامي)!