السيــد زهـــره: أبعد من تصريحات قرداحي
الأزمة التي فجرتها تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي أزمة كاشفة تثير عددا من القضايا والجوانب التي يجب التوقف عندها مطولا. المسألة أبعَدُ بكثيرٍ من هذه التصريحات.
أبعاد القضية باتت معروفة للكل. قرداحي دافع عن الحوثيين واعتبر أنهم رجال مقاومة يواجهون عدوانا من السعودية والإمارات. وباقي تصريحاته أصبحت معروفة. ترتب على هذا أزمة دبلوماسية حادة، إذ استدعت السعودية والبحرين والإمارات والكويت سفراء لبنان وقدمت لهم احتجاجا رسميا. ولاحقا أعلنت السعودية والبحرين والكويت طرد سفراء لبنان وأوقفت السعودية كل الواردات اللبنانية.
في مواجهة هذه الأزمة قال قرداحي إنه أدلى بهذه التصريحات وعبّر عن هذا الموقف قبل أن يصبح وزيرا، وأنها بالتالي لا تعبر عن موقف الحكومة التي أصبح وزيرا فيها. أيضا الرئيس اللبناني ومسؤولون آخرون رددوا المنطق نفسه، وأكدوا أن هذا الموقف لا يعبر عن الدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية.
لأول وهلة قد يبدو هذا الكلام منطقيا ومقبولا، لكن الحقيقة ليست هكذا بالضبط.
بداية، من الملفت أن قرداحي حين حاول أن يبرر ويحتج بأنه لم يكن وزيرا حين أدلى بهذه التصريحات، فإنه في الوقت نفسه لم يتراجع عنها، ورفض رفضا مطلقا أن يشير إلى أنه أخطأ، ولهذا رفض أن يقدم أي اعتذار ولم ير أي مبرر لذلك. أي أنه مازال، شخصيا متمسكا برأيه وموقفه حتى الآن وهو وزير. وليس هناك أي معنى بعد ذلك لقوله إنه لا يمكن أن يسيء إلى السعودية والإمارات. لقد أساء بالفعل ومازال متمسكا بهذه الإساءة.
هذا أمر. الأمر الآخر أنه حين يقول الرئيس اللبناني ويقول مسؤولون لبنانيون آخرون إن تصريحات ومواقف قرداحي لا تعبر عن الدولة والحكومة اللبنانية وأنها مجرد آراء شخصية، فهذا أيضا كلام ليست له قيمة كبيرة ولا معنى كبير ولا مصداقية كبيرة.
لماذا؟
لأنه إن كان الأمر هكذا، فلقد كان على الرئيس اللبناني والمسؤولين اللبنانيين أن يشرحوا لنا ويوضحوا للبنانيين والرأي العام العربي، ما هو إذن موقف الدولة والحكومة اللبنانية بهذا الشأن؟. هذا إن كانوا يريدون أن يكون لكلامهم معنى وقيمة ومصداقية.
نعني تحديدا أنه كان عليهم أن يشرحوا ما هو موقف الدولة والحكومة اللبنانية من قضية اليمن ومن الحوثيين ومن الدور الإيراني ومن دور السعودية والتحالف العربي.
أسئلة كثيرة معروفة كان على الحكومة اللبنانية أن تجيب عنها.
هل تعتبر الحكومة اللبنانية الحوثيين قوة طائفية إرهابية، كما هي بالفعل، أم ماذا؟
ما هو الموقف من دور إيران الإرهابي الذي تلعبه في اليمن هي وحزب الله بدعم كل أعمال الحوثيين الإرهابية بالمال والسلاح وكل سبل الدعم المتصورة؟
ما هو الموقف من الهجمات الإرهابية التي لا يكف الحوثيون ومن ورائهم إيران عن شنها على المدن والأهداف المدنية السعودية؟
ما هو الموقف من الدور الذي يلعبه التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن في مواجهة المشروع الإيراني والخطر الذي يمثله على كل دول الخليج العربية؟
هذه أسئلة جوهرية كان على الرئيس اللبناني والحكومة اللبنانية الإجابة عنها إذا أرادوا بالفعل إثبات أن تصريحات قرداحي لا تعبر عن الدولة ولا عن الحكومة.
لو كانت الحكومة فعلت هذا وأكدت بشرح موقفها أنها ترفض ما قاله قرداحي وأن لديها موقفا مغايرا لربما كان هذا كفيلا بنزع فتيل الأزمة.
لكن كما يعلم الكل فإن الحكومة اللبنانية لا تستطيع أن تفعل هذا. والرئيس اللبناني لا يستطيع أن يفعل هذا. لا يستطيعون أن يقولوا كلمة واحدة ضد إيران وعملائها، ولا أن ينتصروا للسعودية.
السبب هو أن لبنان «الدولة والحكومة والرئاسة»، رهينة بيد حزب الله وبيد إيران.
للحديث بقية بإذن الله